في مقالة الأسبوع الماضي بينا أهمية العنصر البشري ودوره في بناء الأمم كما وضحنا أوجه تهميش الكفاءات الكويتية وبعض مظاهره سواء على مستوى الإدارة العامة أو القطاع الخاص وهذه المقالة سنخصصها للحلول المقترحة:
1- حديث عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلم «انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى...» حديث عظيم يقول عنه الفقهاء انه يدخل في ثلثي أبواب الفقه ولذلك تجد اغلب كتب الفقه تبدأ به، وهذا ينطبق تماما على موضوع الاهتمام بالكفاءات وتبنيها، فإذا لم نجد الاهتمام والقناعة من القيادة العليا في البلد بالاهتمام بالكفاءات واعتبار انهم مصدر التطور في الكويت بدون أي اعتبارات أخرى والنظر اليهم بكل موضوعية وتبنيهم فلا فائدة إذا من القرارات والقوانين، وهذه القناعة يجب ألا تكون بالكلام وشكلية وانما يتبعها قرارات حازمة وواضحة تدل على القناعة بهذا الموضوع.
2- إصدار قانون خاص بتعيين القياديين على أسس موضوعية ومهنية وقدرات واضحة ومحددة وان تكون فترة القيادي محددة وليست أبد الدهر بحيث يعاصر القيادي عدة أجيال كما يحدث الآن في كثير من المؤسسات الكويتية، قياديون مازالوا في أماكنهم بعقليتهم القديمة مستمرين في تدمير المؤسسة التي يعملون فيها بما يملكون من بيروقراطية وأفكار بالية ومن دون تطور كما انه من المهم ايضا ان يحدد القانون كيفية تقييم القيادي واهمها تقييم الانجازات والنتائج التي حققها في المؤسسة أو الوزارة أو القطاع الذي يديره وما حققه من تنمية وتطور وإنجاز لخطط الدولة وما حققه من إعداد صف قيادي لقيادة المؤسسة من بعده، كما يفضل ان ينص القانون على إنشاء مركز لتدريب القياديين، ومثل هذه المراكز موجودة في شتى دول العالم.
3- تطوير منظومة المهن العمالية والتي تحدد المهن في القطاع الخاص والقضاء على الفساد في هذا القطاع بجميع أشكاله وتحت أي مسمى وتطبيق نسب العمالة في القطاع الخاص ويجب ألا تقل نسبة الكويتيين في القطاع الخاص عن30 - 50% بالأخص في الوظائف القيادية والتنفيذية والادارية في قطاعات البنوك والخدمات المالية والعقارية والنقل والغذاء والتأمين والصناعات البترولية، وهنا لابد من تطبيق نسب العمالة الكويتية في القطاع الخاص بكل حزم ففيها حل كبير لتوجه العمالة الكويتية للقطاع الخاص.
4- مراكز الإبداع والتميز: إنشاء عدة مراكز للإبداع والتميز على مستوى مؤسسات الدولة ومؤسسة الكويت للتقدم للبحث العلمي، دور هذه المراكز تبني المبدعين ودعمهم ودعم أبحاثهم واظهار انجازاتهم ومكافأتهم على تميزهم وجهودهم في تطوير مؤسساتهم وفق أسس موضوعية، وعملية ومهنية ويفضل هنا الاستعانة بمراكز التميز والإبداع على مستوى العالم وأيضا يجب ان يكون هذا المركز مستقلا تماما عن إدارة الدولة ويديره مهنيون متخصصون، بميزانية مستقلة ولا بأس في البداية من إيكال إدارته لجامعة مشهورة في العالم للاستفادة من خبراتها مثل هارفارد او ستانفورد او كمبريدج.
5- لا يمكن لأمة أن تنمو إلا من خلال العلم والطريقة الأسلم هي تشجيع البحث العلمي ليس الأبحاث الخارجية وانما إنشاء مؤسسة بحث علمي تختص بالأبحاث على الكويت فقط أو اعادة هيكلة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وهذا الأسلم بحيث توجه أبحاثها على الكويت وجميع المسابقات العلمية تكون على الكويت والقصد من هذا ليس الانكفاء على الداخل ولكن هذه المؤسسة جمعت أموال المؤسسات الكويتية وانحرفت عن أهدافها تماما اذ كيف تحجب الجوائز عن الأبحاث الكويتية 6 سنوات متتالية واذا كانت الأبحاث الكويتية ليست على المستوى المطلوب فلماذا لا أضع حلولا لهذه المشاكل التي نواجهها في البحث العملي وتشجيع الباحثين الكويتيين على البحث العملي وإنشاء مراكز بحثية كبيرة، وحتى الأبحاث التي تعطى للخارج أي لغير الكويتيين يجب ان توجه الى الأبحاث عن الكويت وفي هذه المناسبة احب ان أقترح إنشاء مسابقة الكويت الكبرى وتشجيع الباحثين العالميين بجوائز كبيرة جدا وان تعلن هذه المسابقة على مستوى العالم بحيث تكون باللغة الإنجليزية ولكن الأبحاث يجب ان تكون على الكويت وكيفية وضع الحلول لبناء كويت المستقبل وبهذا نستفيد من العقول العالمية وقدراتهم البحثية في خدمة الكويت.
6- إنشاء جمعية الإدارة الكويتية، في جميع دول العالم تقوم الجمعيات المهنية بقيادة التطور الاداري والمالي والمهني لدولها فجمعية الإدارة الأميركية لها فروع عدة في دول العالم وتعقد المؤتمرات السنوية ويحضرها مئات من الآلاف من المهنيين في الإدارة وهكذا في بقية دول العالم، يخبرني بعض الاخوة في احد المؤتمرات سأله احد من الوفود الخليجية عن جمعية الإدارة الكويتية فأخبره: ما في عندنا جمعية للإدارة الكويتية فوقع من الضحك على قفاه كيف لدولة الحريات والديموقراطية الأولى في العالم العربي ان تفتقر الى مثل هذه الجمعية؟! شيء غريب جدا...طبعا اندهاش هذا الخليجي في محله تماما فأسلوب الحكومة ممثلة في وزراة الشؤون في إنشاء الجمعيات المهنية والصعوبات والعوائق امام هذا شيء يجب ان ينتهي وان نفتح الحرية التامة لكل 100 مهني وتخصص بإنشاء جمعيته المهنية وفق شروط إنشاء الجمعيات ودعم إنشاء جمعية للإدارة في الكويت هو دعم للاقتصاد الكويتي ودعم تنميته وتطوير الإدارة العامة وإدارة القطاع الخاص فهل ستري هذه الجمعية النور في الأجل القريب؟!
7- السفيرة الأميركية السابقة قالت مرة في احد تصريحاتها انه يسعدني ان أتواجد في دولة حملة المؤهلات العليا فيها أكبر من حملة المؤهلات العليا في الولايات المتحدة نسبة وتناسب مع عدد السكان وما قالته السفيرة صحيح تماما وحتى نستطيع ان نستغل هذه الكفاءات وحملة الشهادات اقترح إنشاء مدينة المعرفة في الكويت وهذه المدن انتشرت الآن على مستوى العالم وقامت دبي بإنشائها منذ سنوات، وآن الأوان في الكويت لإنشاء مثل هذه المدينة ودعمها بالكفاءات الكويتية لتصدير العلوم والمعرفة الى العالم كله ورفع شأن الكويت وهناك 3 أسباب رئيسية لنجاحها:
٭ تمتع الكويت بحرية البحث العملي كما نص عليه الدستور والديموقراطية وجو الحريات التي تتمتع به الكويت يساعد الباحثين على الإبداع وحرية البحث العملي.
٭ توافر القوى البشرية المتعلمة الكويتية بعدد كبير جدا يساعد على إنجاح مثل هذه المدن ويمدها بأهم عناصر نجاحها وهو القوى البشرية والمؤهلة التأهيل العالي.
٭ توفر الدعم المالي ممثل بالفوائض المالية التي تجنيها الكويت من النفط فمليار دينار يكفي لإنشاء مثل هذه المدينة وهو استثمار طويل الأجل ستجني منه الكويت الكثير ويرد هذا الاستثمار أضعافا مضاعفة وخيرا كبيرا للكويت.
ختاما كلمات من القلب أوجهها لمن يملك القرار في الكويت ان تهميش الكفاءات الكويتية ليس من صالح الكويت فدول العالم تدفع الملايين لوجود مثل هذه الكفاءات وهي ولله الحمد متوافرة لدينا بجهود أبناء وبنات الكويت، وان وجود حملة الشهادات العليا بالسراديب والغرف المظلمة وغرف الأرشيف لمؤسسات الدولة وحرمانهم من التدريس في المؤسسات العلمية الكويتية ليس في صالح الكويت وان الاهتمام بهم من شأنه ان يرفع اسم الكويت عاليا ويطور البلد ويجعله في مصاف الدول المتقدمة فلابد من اتخاذ قرارات عاجلة من أعلى سلطة في البلد لإعادة هيكلة تعامل الدولة مع الكفاءات الكويتية ووضعهم في مكانهم الصحيح، واستمرار الوضع الحالي في إهمال الكفاءات الكويتية لا يساعد على استقرار البلد ويعرقل التنمية والتطور كما يحدث حاليا من تراجع الكويت في مؤشرات التنمية على المستويين الإقليمي والعالمي.
www.waleedalhaddad.com