اعتمد وزير المالية ووزير التربية ووزير التعليم العالي بالوكالة د.نايف الحجرف اللائحة الجديدة للتعيينات في سلك التدريس في جامعة الكويت، والتي بموجبها سيتم السماح بقبول الكويتيين من حملة الشهادات العليا من غير المبتعثين كأعضاء هيئة تدريس في الجامعة بشرط حصولهم على معدل عام «جيد» في الشهادة الجامعية (بكالوريوس)، وأن تكون شهاداتهم العلمية من جامعات معترف بها، وأن يكون المتقدم قد أمضى سنة ونصف السنة كاملة على الأقل في البلد الذي حصل منه على الشهادة، وأن يكون قد نشر على الأقل ثلاثة بحوث علمية محكمة. وهذا القرار التاريخي يحسب للوزير، إلا أنه له ثلاثة معوقات تنفيذية التي يمكن أن تفرغه من مضمونه.
٭ أولا: الشروط الجديدة للتعيين بناء على اللائحة الجديدة تمثل فقط الحد الأدنى، أما الحد الأعلى فهو متروك لتقدير القسم العلمي في الكليات المختلفة في الجامعة وذلك وفقا لاحتياجاته. بمعنى ان القسم العلمي يمكن ان يطلب تعيين دكتور بشروط أعلى من تلك المحددة في اللائحة المعدلة كأن يطلب أن يكون المتقدم حاصلا على الأستاذية أو ناشرا على الأقل 12 بحثا علميا في مجلات علمية محكمة، وبالتالي فقرار الوزير لا يعني شيئا من الناحية التنفيذية. ولهذا يحتاج القرار إلى آلية لإلزام الأقسام العلمية بشروط اللائحة الجديدة ووضعها في إعلان التعيين كما أقرت.
٭ ثانيا: أعلنت معظم الأقسام العلمية في الصحافة المحلية في بداية هذا العام عن احتياجاتها لأعضاء هيئة التدريس وهي حاليا تقوم بمراجعة تلك الطلبات التي تمت بناء على اللائحة القديمة، كما تضمنت بعض تلك الإعلانات شروطا صعبة لا يمكن ان يتقدم لها الدكتور الكويتي كشرط الأستاذية وخبرة في التدريس لا تقل عن خمس سنوات وغيرها، لهذا يجب وقف تلك الطلبات وإعادة طرح الإعلان بالشروط الجديدة على أن تكون الأولية للكويتيين، وأن تكون عملية الاختيار في منتهى الشفافية والموضوعية.
٭ ثالثا: هناك قرار سابق من شأنه إضعاف جدوى اللائحة المعدلة وهو قرار العمل الإضافي لأعضاء هيئة التدريس، في السابق معظم أعضاء هيئة التدريس يدرسون ثلاثة مقررات كحد أقصى، وبسبب دخول أعداد كبيرة من الطلبة والطالبات في الجامعة، سمح لعضو هيئة التدريس أن يدرس خمسة مقررات، ويتقاضى عن المقررين الإضافيين ستة آلاف دينار، ثلاثة آلاف دينار لكل مقرر. وبطبيعة الحال توجه أغلبية أعضاء هيئة التدريس إلى تدريس خمسة مقررات على حساب مهامهم الأخرى ككتابة البحوث وإعطاء الوقت الكافي للطلبة وتطوير المقررات.، وبهذا القرار تمكنت الجامعة من تقليص حاجتها من أعضاء هيئة التدريس الجدد إلى ما يقارب 25%، علما أن تكلفة عضو هيئة التدريس الجديد أقل من تكلفة المقررات الإضافية، ولهذا وحتى يكون للشروط الجديدة في اللائحة المعدلة مضمون ومعنى من الناحية التنفيذية، يجب إلغاء قرار السماح بتدريس خمسة مقررات كحد أقصى والاكتفاء بثلاثة مقررات للمحافظة على ما تبقى من جودة التعليم.
إن قرار تعديل اللائحة مهم جدا كخطوة أولى، والخطوة التالية هي تحضير البيئة لتنفيذ القرار ومنح الدكاترة الكويتيين الجدد فرصة لتعيينهم في الجامعة، وهذا لن يتم إلا إذا أزيلت المعوقات الثلاثة الواردة أعلاه، وفي حال عدم الالتفات لتلك المعوقات، سيكون قرار الوزير الخاص بتعديل لائحة التعيين مجرد حبر على ورق، وبالتالي ينطبق المثل الكويتي: «لا طبنا ولا غدا الشر». أما بالنسبة لمصير الدكاترة الكويتيين غير المبتعثين الراغبين في العمل بالجامعة، فلن يكون أمامهم سوى اللجوء إلى القضاء والمطالبة بتجميد جميع قرارات التعيين للأجانب الصادرة من الأقسام العلمية لحين البت بأمرهم وتحقيق مبدأ المساواة بين الدكتور المبتعث وغير المبتعث من الجامعة في وقت التعيين وتقديم طعونهم باللائحة إلى «المحكمة الدستورية»!
وقفة: بعد كتابتي لهذا المقال، نما إلى علمي أن مجموعة من دكاترة الجامعة رفعوا مذكرة لسمو رئيس مجلس الوزراء جابر المبارك، احتجوا فيها على قرار وزير التربية ووزير التعليم العالي د.نايف الحجرف السماح بتعيين كويتيين حملة شهادات دكتوراه من غير المبتعثين في الجامعة، ويصفون القرار بأنه «تدمير حقيقي للجامعة» ويعتبرونه «إساءة لمستواها الأكاديمي، وانحدار خطير في مخرجاتها التعليمية، لأن هذا (القرار) يفتح بابا لقبول تعيين كل من يحمل شهادة الدكتوراه من غير اهتمام بمستواه الأكاديمي وشهادته وأبحاثه وخلفيته الدراسية، فضلا عن انه يجعل المحاباة والواسطات مفتوحة إلى آخر حدها في التعيينات، بعكس شروط الجامعة التي حددت كيفية القبول»، ونصحوا سموه بأن يتدخل لإلغائه.
أنا لا أفهم ما يقصدون في هذا «التهويل» في قرار الوزير سوى الحفاظ على «محميتهم» ممن سينافسونهم بالمستقبل. هناك دكاترة غير مبتعثين تخرجوا في نفس جامعات الدكاترة المبتعثين من قبل الجامعة، والفرق الوحيد بين هاتين المجموعتين أن الأول معدلهم العام في الشهادة الجامعية اقل من جيد جدا، بينما المجموعة المبتعثة فمعدلها جيد جدا وما فوق. كيف سيهبط المستوى الأكاديمي للجامعة بتعيين الدكاترة غير المبتعثين بشهاداتهم العليا من الجامعات المعترف بها من قبل جامعة الكويت؟ وما علاقة شرط المعدل العام للمرحلة الجامعية بشهادات الدكتوراه التي حصل عليها الدكاترة غير المبتعثين من الجامعة؟ أنا شخصيا أعرف دكاترة مبتعثين تم تعينهم في الجامعة منذ 10 سنوات ولم ينشروا سوى بحث علمي واحد وهناك من لم ينشر بتاتا. واليوم الدكاترة يتصارعون لتدريس خمس مواد في السنة الأكاديمية والفصل الصيفي للحصول على المردود المالي المجزي، وما لذلك من أثر سلبي على مستوى التعليم في الجامعة وعلى مخرجاتها التعليمية. بل وأقر أن تعيين الدكاترة غير المبتعثين سيرفع من المستوى التعليمي للجامعة وسيكون للطلبة وقت أكبر مع دكاترتهم قياسا بالوضع الحالي. وأتمنى من الوزير الحجرف أن يفتح ملفات دكاترة الجامعة وتنفيذ اللائحة بحقهم. وأنصح سمو رئيس مجلس الوزراء ألا يلتفت لهذه المذكرة الاحتجاجية على قرار الوزير الحجرف. فقراره يا سمو الرئيس سليم ويصب في مصلحة الكويت والجامعة والطلبة.
«أرجو من الوزير د.نايف الحجرف أن يقوم بتعديل لائحة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي لتمكين الدكتور الكويتي غير المبتعث من قبل الهيئة من العمل كعضو هيئة تدريس».