في نهاية شهر مايو 2012، طلبت من رئيس فرقة حمد بن حسين البحرية محمد بن حسين، أن يعرفني على عديله الفنان الشعبي حمد خليفة وذلك لعمل مقابلة معه وكتابة سيرته الذاتية على لسانه لكتابي «الفنون البحرية الكويتية». وقام محمد بترتيب اللقاء في منزل حمد بمنطقة الدعية في صباح يوم السبت الموافق 2 يونيو 2012م، وحضرت أنا ومحمد حسب الموعد، واستقبلنا استقبالا جميلا ورحب بنا، وبعدها بدأت أتحدث إليه عن الغرض من هذه الزيارة. وبدأ يتحدث حديث الذكريات، وعدنا به إلى أيام شبابه وأنا أدون ما يقوله لنا، حيث قال:
«اسمي بالكامل حمد خليفة علي الصقر، ويناديني الناس «أبوخليفة». أنا من مواليد الكويت، حي جبلة عام 1925م. درست عند الملا مرشد، ثم انتقلت إلى المدرسة المباركية، ثم المدرسة الأحمدية. عملت عند شخص اسمه خضير، صاحب محل لبيع الأسطوانات، ثم عملت عند بن ركف في محل لبيع الخضار. دخلت الغوص موسما واحدا ثم ركبت البحر سفارا سبع مرات مع النوخذة حسين بلال الصقر، وكان مطربا وبحارا وكان نصيبي قلاطة ونص. وكانت آخر سفرة لي في بوم «الباز» مع النوخذة غانم العثمان، حيث عملت «إمكبس» فقط، أي مطربا على العود ولا أقوم بأي عمل آخر على السفينة، ونصيبي كان قلاطة واحدة».
وعن بداياته الفنية، قال: «كان بيتنا القديم قريبا من سوق واجف، وكان لدي (اتنكة) عليها أوتار من صنف واحد. واشتريت أول عود من امرأة تبيع في سوق واجف، وهو عود بدائي الصنع عبارة عن قطعة خشبية واحدة محفورة، وبدأت أعلّم نفسي بنفسي منذ أن كان عمري 18 سنة. وكنت أذهب إلى المقاهي لسماع الأغاني، كما ذهبت إلى ديوانية الفنان/ يوسف البكر في حي شرق، وعاصرت كبار الفنانين الشعبيين مثل محمد بن سمحان وسعود العروج وغيرهم إلى أن تمكنت من العزف والغناء بطوري الخاص وعرفني الناس كمغن شعبي للصوت واليمانيات».
قلت له ان هناك من يقول إنك «تلعب» بالصوت الكويتي ولا تؤديه بطريقته الصحيحة خصوصا بعد التوشيحة النهائية للصوت؟ فضحك حمد وقال: «أنا أؤدي الصوت الكويتي بالكامل، ولكن في بعض الأحيان أدعى لحفلة بحضور ضيوف الكويت من الشام مثلا، و«الشوام» لا يتذوقون فن الصوت، لهذا، بعد استكمال الصوت، لا أختمه إلا بعد غناء موال، وأنا أجيد غناء الموال، وبعد الموال ترى الفرح على وجوه الضيوف، لهذا فهم ينتظرون الصوت التالي لأغني لهم موالا آخر».
سألته ما إذا كان يتبع طور أحد الفنانين الكبار الذين سبقوه؟ فرد قائلا: «أنا لا أقلد أحدا.. وأكتب الشعر وألحنه وأغنيه كصوت، بطريقتي الخاصة، ولم أنضم لأي فرقة شعبية.
وحول إسهاماته الفنية، قال: سجلت العديد من الأصوات والأغاني اليمانية والبستات في إذاعة وتلفزيون الكويت، كما سجلت في البحرين واليمن والعراق وزنجبار. وشاركت في العديد من المناسبات الوطنية والاجتماعية في داخل الكويت وخارجها. وفي عام 1981، قررت اعتزال الفن نهائيا».
كان حمد خليفة أحد مؤسسي جمعية الفنانين الكويتيين عام 1963م. عمل في وزارة الأشغال من 1/8/1953م إلى 16/9/1956م. ثم عمل في وزارة الكهرباء والماء من 16/12/1957م إلى 31/10/1981م، وهو تاريخ تقاعده. كرمته حكومة الكويت ودول الخليج كأحد أعلام الغناء الشعبي في الكويت والخليج. انتقل إلى رحمة الله تعالى في يوم الأربعاء الموافق 18/7/2018، وشيع جثمانه في عصر اليوم التالي بحضور شعبي غفير. نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويغفر له ويسكنه الجنة، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
و(إنا لله وإنا إليه راجعون).