يرجح ان الشعر النبطي سمي بهذا الاسم لأنه استنبط بمعنى استخرج واستحدث واستنبط الشعر النبطي من الشعر العربي الفصيح، ولكنه يختلف عن الفصيح بعدم تمسكه بالقواعد النحوية وعاميته، والشعر النبطي رافد من روافد الأدب والثقافة العربية الأصيلة بما له من مكانة كبيرة عند الناس وخاصة في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي وبادية الشام في سورية والأردن وفي اقليم عربستان وفي بادية السودان وفي المغرب العربي. وهناك الشعر النبطي المنظوم وهو شعر الديوان لأنه يكتب ويجمع للشاعر له حريته في التنقيح والتعبير حسب ما يراه مناسبا، أما المرتجل فيسمى شعر الميدان حيث يرتجل الشاعر قصيدته، وما يميز النبطي عفويته والشعر النبطي لا يتقيد بقواعد اللغة العربية، ولكن يكتب كما ينطق كي يفهمه القارئ، فالشعر النبطي حفظ الكثير من ابداعات الشعراء من مآثرهم وأخبارهم وأفكارهم وقصص البطولة والشجاعة ومعاناتهم مع طبيعة الصحراء والحياة القاسية مع شظف العيش وشح المياه والتنقل بحثا عن الماء والكلأ، فالشعر النبطي له عدة أغراض ويحتوي على المعاني السامية في مواضيع النصح والحكمة والهجاء والمدح والرثاء والكرم والحب الصادق العفيف وفي صلة الرحم والوفاء والاخلاص وفي وصف الطبيعة والمطر والربيع وفي وصف الابل والخيل والطير والقنص وغيره.
وقد عبر شعراء النبط بإحساسهم المرهف بحبكة الشعر وصياغته ووزنه وتغنوا في الوطن ووصفوا حياة البادية وقسوتها وأنشدوا في ركوب البحر ومخاطره، فالشعر النبطي يحوي بطياته كنوزا من الفن والابداع وصدقهم واحساسهم واشتهر شعراء النبط بالمساجلات الشعرية وقد يكتب الشعر النبطي على المنهج الهلالي أو المسحوب أو الصخري.
ويزخر بالكثير من المعاني الجزلة والكثير من متذوقي الشعر النبطي يتخذون من بعض القصائد شعارا لهم وحكمة وعبرا ينتهجونها ويرددونها باستمرار، وقد تكون بعض القصائد قيلت في زمن ماض بعيد ولكن مازال يرددها متذوقو الشعر النبطي في وقتنا الحاضر لقوة معانيها وجزالتها، وهناك الكثير من فطاحل الشعر النبطي نذكر بعضا من هؤلاء ومنهم سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله يستشهد بأبيات قول الشاعر:
تهدا الأمور بأهل الرأي ما صلحت
وان تولت فبالأشرار تنقاد
ورائعة سمو الأمير خالد الفيصل بجزالة معانيها في «حنا العرب»
حنا العرب يا مدعين العروبة
وحنا هل التوحيد وانتم له أجناب
وجزالة وقوة معاني أشعار سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في قصيدة «سبائك»
سرى ساري بسيره سروا ساريين الليل
مسيره السرى واسرى مع السامر الساري
وكذلك روائع محمد بن فطيس المري والذي حاز على لقب شاعر المليون بقوله في «صيد الأفكار»
ماني بمن ياتي ولا يدري به
شطر حفظته ما اعرف كتّابه
وكذلك قول ابن فطيس في «وصف المقناص والطير»
بارض بها لبُرق الدواغر مداهيل
لقد مرها الوسمي وشافت بروقه
لذا لأهمية الشعر النبطي والذي يعتبر من التراث والثقافة العربية الأصيلة أتمنى من الاساتذة الكرام القائمين على جريدة «الأنباء» الغراء استحداث صفحة جديدة لمتذوقي الشعر النبطي تتناول فيها أشعار وأخبار شعراء النبط تكون أسبوعية وبإشراف من لديهم الكفاءة والعلم والدراية في اتجاهات وأوزان وحبكة الشعر النبطي.
لنحافظ على التراث العربي الأصيل بتوثيق وتدوين وحفظ جميع ما قيل من الشعر النبطي للدارسين والمهتمين بالشعر النبطي وللأجيال القادمة لأنه يعتبر كنزا من كنوز المعرفة ومن العلوم النافعة ولنحذو حذو هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بتشجيع الشعر النبطي وإحياء الساحة الأدبية من خلال برامج ومسابقات شعرية كبرنامج شاعر المليون وذلك لأهمية هذا التراث العريق وحفظا لهذا التراث الثقافي من الاندثار.
[email protected]