قد جمع الله لنا أدب الحرب في قوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ـ الأنفال).
أوصى أبوبكر رضى الله عنه يزيد بن أبى سيفان حين وجهه إلى الشام فقال: يا يزيد سر على بركة الله فإذا دخلت بلاد العدو فكن بعيدا من الحملة فإني لا آمن عليك الجولة، ولا تقاتل بمجروح، واحترس من البيات، وأقلل من الكلام، وإذا قدمت عليك وفود العجم فأنزلهم معظم عسكرك، وأسبغ عليهم النفقة، وامنع الناس عن محادثتهم ليخرجوا جاهلين كما دخلوا جاهلين، ولا تجسس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده.
قال الأصمعى: ينبغي للأمير أن تكون له ستة أشياء، وزير يثق به ويفشى إليه سره، وحصن يلجأ إليه إذا فزع فينجيه، وسيف ينازل به الأقران، وذخيرة خفيفة المحمل إذا نابته نائبة أخذها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف وما غلب قوم قط يبلغون اثنى عشر ألفا إذا اجتمعت كلمتهم).
كان عظماء الترك يقولون إن قائد الجيوش يجب أن تكون لديه الخصال الحميدة والأخلاق النبيلة والشجاعة وقوة اتخاذ القرار السليم والجسارة وأن يكون مخادعا وفيه من المكر والخبث.
وأصلح الرجال للحرب المجرب الشجاع الناصح وأن بعض الحكماء سئل عن أشد الأمور تدريبا للجنود وشحذا لها فقال: استعادة القتال وكثرة الظفر وأن تكون لها مواد من ورائها وغنيمة فيما أمامها ثم الإكرام للجيش بعد الظفر والإبلاغ بالمجتهدين بعد المناصبة والتشريف للشجاع على رؤوس الناس.
ومما قاله الإمام الغزالي في إحدى وظائف السلطان، عليه أن يحافظ على أمن الدولة الداخلي والخارجي فلا يعادى «فإن أمر الخصوم صعب هائل» وليجنح للسلم ما أمكنه إلى ذلك سبيلا وليأخذ الأعوان والأصدقاء باللين والرأفة وحسن السياسة ليكون قرير العين ولينام هانئ البال. وعليه أن يستقطب الأعداء والخصوم بالمصالحة ويعقد عهود الأمان لئلا يكون مهددا من الخارج فإن عواقب الخصومة والعداوة غير مأمونة وخطرها شديد.
قال أحد الشعراء:
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب أولها كلام
وإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
وتمام العقل طول التجارب ولنا في الأيام تجارب وهي مرآة العقل، والغرة ثمرة الجهل ولنستنير بآراء الكبار فالأيام أفادتهم حنكة ودراية، فهم أشجار الوقار وينابيع الأنوار، فعلينا الاقتداء بالأخيار من أولى العزم، والذين خلد ذكرهم التاريخ.
وأهم أركان وقواعد الدولة الدين والمال والجند والإنسان أعز جواهر الدنيا وأعلاها قدرا. لنحصن حواشي وأركان الدولة ونرتق الفتق ونسد الثغور ولنتحصن بالعدة والسلاح.
حفظك الله يا كويت العز والكرامة واسمك دائما عاليا وخفاقا في عنان السماء تحت ظل قيادتنا الحكيمة أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.
[email protected]