في بداية الخمسينيات من القرن الماضي وبهمة وعزيمة وبسالة الغالي والدي محمود، رحمه الله رحمة واسعة، وما يتمتع به من روح الإقدام والحنكة والشهامة والعطاء والشجاعة وعمل الخير قرر وعزم على أن يشد الرحال إلى ابن عمه والالتقاء به في زمن لم تتوافر فيه عناصر التكنولوجيا الحديثة من وسائل الاتصال وغيره فقرر السفر عن طريق الجو بطائرة ذات محركات لتقطع المسافة ما بين الكويت إلى ميناء عدن في اليمن ليمكث فيها بضعة أيام ومن ميناء عدن استقل طائرة أجنبية ذات محركات للسفر إلى كينيا – العاصمة نيروبي ومن نيروبي ليسلك الطريق البري بواسطة المركبة إلى ممباسا والتي تطل على المحيط الهندي وتبعد نيروبي عن ممباسا مسافة 450 كم وكانت رحلة طويلة وشاقة ومتعبة، ولكن سعادة والدي رحمة الله الغامرة وشعوره الجياش بالسرور والفرح والمحبة بالالتقاء بابن عمه هو ما هون عليه عناء السفر.
والسفر عن طريق البر ما بين نيروبي وممباسا في ذلك الزمن فيه الكثير من المغامرة والخطورة حيث إن عليه يخترق الأحراش والأدغال وحشائش السافانا الطويلة وكذلك وجود الحيوانات كالنمور والأسود والفيلة والزراف وحمير الوحش والنعام والغزلان والقرود وغيرها من الحيوانات وهي حرة طليقة وليست كما هي في الوقت الحاضر بوجود محميات بالطرق الحديثة وخاضعة للمراقبة ولكن كما شاهدها والدي، رحمة الله، حرة طليقة مع انتشار قبائل الماساي وهم قبائل رحل رعاة قطعان الماشية والابقار وهم محاربون شجعان وقبائل الكوكويو وهي قبائل مستقرة وهو المناخ اللازم للإبداعات الفكرية وغيره من القبائل الأخرى وهولاء القبائل لهم طقوسهم ومعتقداتهم الخاصة بهم وكينيا عبارة عن مستعمرة بريطانية منذ عام 1888م.
وحصلت كينيا على استقلالها سنة 1963م بعد قيام ثورة الماوماو. غالبية سكان الشريط الساحلي من كينيا إلى دولة تانزانيا يدينون بالديانة الإسلامية وأشهر المدن الساحلية ممباسا - مالندي – لأمو زنجبار وغالبيتهم يتحدثون اللغة السواحلية وهي خليط من العربية والأفريقية.
مع رحلة عودة والدي وابن عمه، رحمهم الله، إلى أرض الوطن الغالي الكويت ليلتئم شمل العائلة ويعيشوا باقي أيامهم في ربوع وطنهم العزيز الكويت.
رحمك الله يالغالي والدي رحمة واسعة وفي جنته ونعيمه، لقد سطرت أروع النبل والأخلاق بعمل الخير وبعزيمة الرجال وبذل الجهد والعطاء وعبرت من هذه الرحلة الشاقة إلى بر الأمان بتحقيق أهدافك الجليلة الطيبة. العظماء بأعمالهم وأمجادهم ستظل محفورة بأسطر من نور في ذاكرة التاريخ.
[email protected]