رحلات الأوروبيين إلى البلاد العربية أضافت الكثير من كنوز المعارف إلى التراث العربي والحضاري وخصوصا منذ القرن السادس عشر، حيث تضاعف عدد الرحالة الأوروبيين لبلاد العرب في القرن الثامن عشر والتاسع عشر والقرن العشرين وتزايد أعداد الرحالة الأوروبيين إلى البلاد العربية ودول الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية خاصة بعد ظهور النفط، وقد تكون أهدافهم وغاياتهم دراسة العلوم الجيوموفولوجية وهي دراسة طبقات الأرض ودراسة الجيولوجيا وجمع المعلومات الجغرافية والأحياء والاهتمام بوضع الخرائط الجغرافية بطرق علمية لسواحل وموانئ العرب ودراسة العلوم السكانية ودراسة عادات وتقاليد شعوب المنطقة في تلك البلاد وقد تكون لأهداف تبشيرية، وكذلك الاطلاع وحب المعرفة والمغامرة وفهم ما وراء تلك الجبال والوديان والصحاري والبحار والخلجان ومعرفة الإنسان وتجاربه وتكيفه مع ظروف بيئته وهناك فوارق عريضة وعميقة بين شعب وشعب آخر.
ومشاهداتهم وانطباعاتهم مصدر ثمين وكنوز من المعارف ومصدر من مصادر تاريخ المنطقة في وقت وزمن قل من يكتب أو يؤرخ عن مناطق شبه الجزيرة العربية وحوض الخليج العربي ودول بلاد الشام والرحالة الأوروبيين نجد من بينهم رجال علم وأدب ورجال دين وعسكريين وذوي المهام الخاصة ووصفهم وملاحظاتهم دائما دقيق عن السكان والعمران في شبه الجزيرة العربية وغيرها، والرحالة الأوروبيون رجال متحضرون وأصحاب رسالة حضارية يريدون نشرها في أوساط الشعوب المختلفة والذي يسافر إلى بلاد أخرى ويعود ويحدث مجتمعه عما رأى هو فيلسوف وفي ملحمة «الألياذة» نجد الشاعر الأعمى هوميروس يتحدث عن البطل فيقول إنما راح وصارع وتعذب وانتصر وسجل ما رأى ليعود ويقول للناس شيئا جديدا مثيرا ممتعا.
والاستشراق هو من تراث الإمبراطورية الغربية التي لا تزال تحرص على دوام مصالحها في البلاد الأخرى ومن الدول الأوربية التي تملك تراثا واسعا من أدب الرحلات هي بريطانيا العظمي ومن أكبر الممولين للرحالة الغربيين شركة الهند الشرقية ومصلحة الاستخبارات العسكرية ومديرية الآثار والمتاحف والجمعيات الجغرافية والمؤسسات الاجتماعية والبعثات التبشيرية واهتم المستشرقون بالدراسات الإسلامية والعربية وترجمة الكثير من النصوص العربية، وهناك رحالة أوروبيون دفعهم الفضول لمعرفة المعالم العلمية لبلاد العرب.
والرحالة الغربي رجل متحضر وصاحب رسالة حضارية.
ولا يصلح الترحال إلى بلاد العرب إلا من ذوى الميول الخاصة والامكانيات الجسمية والنفسية والثقافية وممن لديهم القدرة على تحمل المشاق في الظروف المناخية لبلاد العرب، لابد من إعطاء المزيد من الاهتمام بأدب الرحلات وإدراجها في كتب المناهج الدراسية إثراء للتراث العربي والحضاري.
[email protected]