يعقوب اليوسفي
لقد ابتليت الكويت ببعض الأفراد المنظرين الذين إما ينشدون الشهرة بالظهور المستمر في وسائل الإعلام أو بهدف عدم أفول نجمهم بعد أن استغنت الحكومة عن خدماتهم، وهم يتحدثون بمناسبة أو بغير مناسبة في كل لقاء معهم، ويحرصون على حضور كل لقاء لتكرار نظرياتهم التي يقفون من خلالها ضد إسقاط فوائد قروض البنوك عن المواطنين والتي تعسفت البنوك في حسابها عليهم من غير وازع من ضمير أو رقابة ذاتية أو رقابة «أبو البنوك» التي كانت لا تفوت حتى الـ 200 فلس ضريبة السحب الآلي والذي يعتبر من أبسط الخدمات ولا يكلف البنك أي مصاريف، هذا بالإضافة إلى فوائد البنوك التي كانت ومازالت تفرض دون رقيب أو حسيب وكأن هذا الفقير لص أو مذنب ويجب أن يذبح، وقد تنبه البنك المركزي بعد أن انتفخت جيوب وأرصدة البنوك وملاكها وزاد الغني غنى وزاد الفقير فقرا وحسرة وحرمانا، استيقظ من السبات العميق ومن إغفاله المتعمد عن تنفيذ قانون الرقابة على البنوك التي حولها إلى رقابة على خلق الله بعد أن ذبحتهم البنوك من الوريد إلى الوريد، وأول شيء فعله «المركزي» العظيم أن حدد نسب الـ 40% والـ 30% على الموظفين والمتقاعدين أي ما يقارب ثلاثة أرباع الشعب الكويتي المغلوب على أمره وكأنه قد أمسك «الديب من ديله» ولو كان هذا «المركزي» فاعلا أو عاملا أو قائما بوظائفه التي سنها له قانون إنشائه لما وصلت الحال الى ما هي عليه الآن، ولما كانت كل تلك اللجان والندوات والمؤتمرات الصحافية وكل هذا المديح لحل إشكال هو المتسبب فيه هو والبنوك التي تعمل تحت إشرافه وهي مطمئنة إلى أنه في جانبها، وإذا عدنا إلى موضوع المنظِّر العظيم فإني اعتقد أن الذين من حوله يخجلون من أن يذكروه ويريدون أن يتذكر هو الآتي:
إنه من ذوات الدماء الزرقاء كما يقال ولم يحس أبدا بالفقر والفاقة وحنة الأولاد والحريم ونقص العلاج وعلو الإيجارات.
إنه كان يرأس ويتحكم في إحدى أقوى المؤسسات المالية في البلاد والتي كان لا يعين بها إلا أقرباءه ومعارفه وقد اكتسبت تلك المؤسسة شهرة عالمية وقد كان يستقبل استقبال الرؤساء لأنه كان يوزع القروض والهبات من حساب الدولة على مزاجه الكريم.
يعتقد أنه يفهم أننا على دراية تامة عن سبب دفاعه الأخير عن مرور قانون دعم الحكومة للشركات التي يعرف جيدا أن معظمها ورقية وأنه قد ساهم في تأسيس بعضها وبالتالي فإنه سيتأثر مباشرة في حال عدم مرور هذا القانون.
اتقي الله يا رجل واجلس في بيتك وابعد الناس عن شرك وظلمك فأنت لست محتاجا لتقف في طابور بيت الزكاة أو اللجان الخيرية ولا يتصل بك مندوبو الشركات للتذكير بالسداد ولا تأتيك البلاغات بالحضور لعدم السداد وسيارتك لا تحتاج إلى صيانة ولا تقف في الطريق لأنك تجد دائما من يهديك سيارة جديدة برسم الخدمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.