ياسر العجمي
في كتابة سابقة تحولت فيها بقدرة قادر الى ناقد فني بدون شهادة او افادة، حيث وجدت ان المسلسل الخليجي «طاش ما طاش» قد استطاع ان يستحق وسام الاستحقاق من الطراز الرفيع لما قدمه من كوميديا هادفة قلما تجدها في وقتنا الحاضر حتى من كبار الفنانين الذين انطفأت شمعتهم مع دخول هذه الموجة الجارفة من المسلسلات والبرامج الهابطة ذات المحتوى الرديء من مؤلف ومخرج وفنانين، فقد طغت هذه الموجة على الجودة في الكتابة والتمثيل والاخراج والسبب هو الشركات المنتجة التي لا يهمها سوى المثير من هذه المنتجات فهي تقدم الدعم المادي فقط دون التركيز على جودة العمل ولا تأبه بما يعجب المشاهد ويفضله بل يهمها فقط انجاز العمل بأسرع وقت ليتم عرضه على القناة الداعمة دون رقابة لنجاح العمل او مراجعته، على العموم موضوع سيطول شرحه ان فتح بابه، وحتى لا يظن البعض أنني قد تحولت الى النقد الفني وهذا ليس بالمجال الذي أتخصص فيه! فانني اعود للحديث عن احدى حلقات مسلسل «طاش ما طاش» التي كانت بحق من اروع ما عرض، فالحلقة كانت بعنوان «ليبراليون ولكن!» تحدث الكاتب د.عبدالرحمن الوابلي عن واقع الليبراليين الخليجيين!
وانا هنا اركز على الخليجيين لانه انتقد وبشكل حقيقي الليبرالية التي يتقمصها البعض دون ادراك لماهيتها في مجتمعاتنا! فهو اذ يذكر واقعهم إلا انه ينتقد الازدواجية التي يعيشونها ما بين الخوف من نقمة المجتمع والخوف من ظهور ما يعكر صفو الليبرالية ومبادئها التي يعتقدون أنهم من اهلها! د.عبدالرحمن الوابلي كان يريد ايصال رسالة الى جموع الليبراليين أن يكون لهم هدف واضح، لا ان يعيش الليبرالي منهم وسط تناقض واضح ما بين الاصولية والليبرالية! لقد كان يريد اعادة تطهير الليبرالية من بعض السموم وليس انتقادها كما فهم لدى بعض المتشددين! ولعلني هنا اضع مفاجأة كبرى للقارئ ان هذا الاستاذ الاكاديمي وهو يتطرق لليبرالية في حلقته يعترف بأنه انتقد وصور الليبراليين وهو احدهم بالواقع الذي عاش فيه معهم! لقد اذهلني تصريح د.الوابلي في احدى الصحف السعودية بأنه يحاكي مجموعة من الاشخاص يعتبر هو احدهم، فقد استطاع الدكتور ان يصور الليبرالية بمفهومها المجرد لدى الكثير من الناس ووضع بعض الشخصيات ممن يمثلون هذا التجريد في المجتمع ولا يرتكزون على مبادئ الليبرالية الحقيقية وادخلهم في الحلقة! وهذا ما جعل احد الدعاة المتشددين في لقاء له على قناة العربية يصرح بأن هذه الحلقة استطاعت ان تكشف لنا حقيقة الليبراليين الملوثة! وانه لو حاول ان يشرح لابنائه لمدة 20 عاما مفهوم الليبرالية لما استطاع ان يوضحها لهم مثلما وضحها لهم د.الوابلي! «كلام مأخوذ خيره!»
يراد فقط منه الاساءة لكل ما يدعو لليبرالية حتى في جوانبها الايجابية دون فهم واضح لأجزاء الحلقة المتبقية! فقد عرض لنا كاتب الحلقة في الجانب الآخر نقطة تحسب لليبراليين! وهي ذلك الشاب الصحافي الطموح الذي ينهمك في عمله مستعرضا هموم المواطن والمجتمع حتى وان كان ذلك يدعو لتضحيته بمستقبله وهو بالتالي جعل هذا الشخص وجها حضاريا جميلا يمثل الليبرالي الحقيقي! لقد كانت فعلا من اكثر الحلقات واقعية وفي نفس الوقت الاكثر جدلا بين اوساط المجتمع! فالمتشددون راحوا يصفقون لهذه الحلقة بفهم تجريدي ساذج لاحداثها في حين ان الليبراليين انتقدوا هذا العرض السلبي لليبراليين وهم من يفترض انهم يفهمون حقيقة الفلسفة التي طرحها المؤلف في طرحه، ورأوا أن المؤلف قد صور الجانب غير الايجابي في مفهوم الليبرالية وهو ما اشار اليه الكاتب فعلا لكن بقصد فلسفي واضح وهو تصحيح المعتقدات.
الشكر الجزيل للدكتور عبدالرحمن الوابلي على هذا الطرح الجريء الواقعي، متمنيا ان تعم هذه الاطروحات اروقة القنوات الفضائية لكي ننعم بمسلسلات وبرامج هادفة بناءة لا هدامة.
وهج
الشكر الجزيل لمراقب الخدمات العامة في وزارة الاسكان الاخ احمد الهداب، على حسن الاستقبال ورحابة الصدر وطول البال على ما قدمناه له من استفسارات مهمة كانت لردوده عليها نهاية للكثير من الحواجز.. ألف شكر.