ياسر العجمي
المتتبع للاحداث الجارية في الكويت لا شك في أنه سيشعر بمدى السذاجة الواضحة في خلق المشكلات واثارتها على الساحة المحلية وتصويرها للمجتمع الدولي على أنها مشاكل ذات بعد شعبي وسياسي واجتماعي يقوم باصطناعه بعض السخفاء ممن دخلوا من الباب الخلفي للديموقراطية متناسين ان هناك ما هو اهم من اللهث وراء مبادئ غريبة لا تمت للديموقراطية ولا للحضارة بصلة ولم تكن في يوم من الايام سلما للوصول الى الرقي والوعي للمجتمع، والدليل على ذلك وقوفنا في آخر الطابور الخليجي بعد ان كنا في اوله، تركنا الاهم وشغلنا انفسنا بالمهم رحنا نتشدق على بعضنا بقضايا تافهة اقل ما يقال عنها انها «صبيانية» مختلطة بدفع قوي من بعض العناصر النسائية ذات النفوذ، مما اتضح لنا ان هـؤلاء النسوة هن من يقدن بعض الاعضاء في مجلس الامة وان العملية اساسها مصالح انتخابية لا اكثر ولا اقل فقانون منع الاختلاط هذا او قانون الاختلاط ذاك، اي منهما كان مطبقا، هل احتاج فعلا الى هذه الهالة الاعلامية، والرأي العام والاشتباك الحكومي مع المجلس والاعتراض البرلماني فمنهم من عارض ومنهم من أيد.
لكن الغريب في الامر كله ان البعض تناسى ان الدين في الدولة هو الاسلام، وان الاسلام له مبادئ سمحة تسمو فوق كل مبدأ من مبادئ هؤلاء، هالني حقيقة ما رأيت من توجه مجموعة من النساء مع بعض الرجال الى احد مخافر الشرطة لتقديم شكوى ضد قانون منع الاختلاط، وكأن هناك حقا اغتصب من هؤلاء، ورأيت مشهدا آخر وهو ان احدى الفتيات اخذت في البكاء والصياح بشكل هستيري امام احدى القاعات بإحدى الكليات الجامعية مطالبة بالسماح لها بالاختلاط مع الرجال والجلوس معهم!
لا شك في ان هذا الموضوع لا يهم شريحة كبيرة من الناس بقدر ما يهم هذه المجموعة الآنفة الذكر، ما هالني - حقيقة - التهاون الحكومي للكثير مما يحدث في البلد، وكأن المشاكل في البلد لا تهم الا الطبقات العليا في المجتمع، منذ نشأت جامعة الكويت وهي تطبق قانون الاختلاط العفوي! ومن دون ان يكون هناك اي اعتراض من احد، بل ان الكثير ممن يثيرون هذه المشكلة هم ممن تخرجوا في هذه الجامعة، كما ان الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات في الكويت تتبع نظام الاختلاط، بل هي تطبقه من دون ان يكون هناك قانون يلزمها بالاختلاط، اي انه اختلاط عفوي تفرضه قوانين الحياة وليس قانون اختلاط إلزامي، ايها الاخوة الافاضل يا من تعترضون على هذا القانون او ذاك، تشغلون انفسكم بأمور تافهة، والحقيقة ان الغالبية من ابناء الكويت تذمروا من اثارة هذه السخافات، فقانون الاختلاط او عدم الاختلاط سواء طبق او لم يطبق فنحن مؤمنون بأننا نسير وفق نهجنا الاسلامي الذي جبلنا على تطبيقه فطريا وليس الزاميا فنحن سواء اختلطنا بكم او لم نختلط لا يهمنا ذلك بقدر ما تهمنا المشاكل الحقيقية التي يمر بها البلد، من تخبط حكومي واشتباك برلماني مستمر لا يتوقف لم نجن منه اي نتيجة ايجابية لصالح المواطن بل طغت المصالح الشخصية على الانتماءات وحب الوطن والاخلاص له!.