هيأ الله- جلت قدرته- وسخر ما خلق للإنسان لتساعده على إعمار الأرض وعمل الخيرات والابتعاد عن المنكرات، وفوق كل ذلك عبادته كما يجب. ويظهر الأمر جليا في آية في سورة الحج (ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض).
وتعتبر الطيور من خلق الله الذي سخره للإنسان للأكل أو للصيد أو للزينة أو اللباس.. الخ. واذا ما شحذ الإنسان همة عقله للتبصر في مخلوقات الله، وجد ان ما نشاهده حاليا من طائرات عملاقة تلف الكرة الأرضية سلما وحربا، إنما بدأت فكرتها من تقليد عباس بن فرناس للطيور بوضع أجنحة على ذراعه وان كانت تجربته هذه لم يكتب لها النجاح، بيد انها كانت لبنة لتجارب أخرى.
ألم يكن الهدهد هو سبب إسلام بلقيس وقصته مع سيدنا سليمان عليه السلام، فاستسلمت امبراطورية في اليمن كافرة لنبي الله ودخلت هي وقومها الإسلام، من كان سبب ذلك، أليس الهدهد؟
وتعتبر الطيور من مخلوقات الله الذي سخرها للإنسان في مناطق شتى من العالم ولكل نوع ولون وطبيعة مختلفة عن الآخر، فهنالك طيور في المناطق القطبية وأخرى في قمم الجبال وأخرى في البحار، ومجموعة في غابات مظلمة ونوع ينتشر في الصحاري وآخر في المدن على الأشجار والبراري. ولقد رصد علماء الطيور تسعة آلاف نوعا منها.
فما هو اعجاز خلق الله فيها؟ معظم الطيور التي تطير (بعضها لا يطير مثل البطريق) ذات وزن خفيف يساعده على الطيران ولها أكياس هوائية منتشرة في كل أجسامها لتخفف من وزن الطائر أثناء رحلاته في الهجرة الصيفية والتشوية ولتبرد عضلاته اثناء الطيران كما ان عظامها مجوفة وريشها خفيف الوزن، ويمتاز بعضها بحدة تفوق حدة بصر الإنسان بثمانية أضعاف وحجم العين لديه أكبر من مخه، ولقد رصدت الدراسات والتجارب أن بعض الطيور تستطيع ان تحدد ما تريد ومنها فريستها على بعد 2 كيلو متر.
كما سخر الله للطير إمكانية ان تدور عينه دورة كاملة كما هو في حال البوم الذي يرى بالليل دامس الظلام.
وكم شاهدنا في التلفاز انقضاض الطيور على الجيف من السماء وغوصها من أعلى في البحار والأنهار لاصطياد الأسماك، ومن اعجاز الله في هذا النوع من الخلق ان بعضها يقطع ستة آلاف كيلومتر متصلة وللبعض الآخر سرعة تصل الى ثلاثمائة كيلومتر في الساعة، وللبعض لا سيما في الهجرات الموسمية امكانية الطيران ستة وثمانين ساعة مستمرة، أليس لنا ان نتساءل كيف تأكل وتشرب خلال هذه الفترة؟
أليس ذلك وربي اعجاز الله في خلقه؟ فالطيور زودت من الخالق لتوليد القدرة بكفاءة عالية، ولكن بهيكل متين خفيف.
ولقد توصل العلماء المتخصصون في الطيور الى ان عضلات صدرها تتميز بقوة ضاربة وذات قلب كبير ذي نبض مرتفع وبمعدل ضخم سريع، وبجهاز تنفس كفؤ يتحكم في الحرارة الناجمة عن حركات عضلاتها لذا، فهو لا يتعرق، وتتميز الطيور بقنوات من الرئتين ينفذ الهواء من خلالها الى كل الجسم حتى أطراف الأصابع، فطائر الكردان الذهبي يطير بلا توقف لمسافة ألف وخمسمائة كيلومتر، لا يفقد من وزنه الا النذر اليسير.
فأي قلب هذا الطير؟ وأي ضخ ونبض الدم؟ وأي عضلات لا تكل ولا تتعب؟
نعم نحن معشر المسلمين، ولله الحمد ممتنون ومعتزون بإعجازه سبحانه، أليس هو القائل سبحانه: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم).