اهتم الاسلام متمثلا بالقرآن والسنة النبوية اهتماما جما بالعلم والبحث العلمي، وكرّم وأجلّ العلماء والباحثين حتى غدت وأمست مكانتهم عند الله كبيرة، كيف لا، والعلم والبحث العلمي هما من المهن الشريفة ولهما عطاء نبيل غير مجذوذ يدوم إلى ان تقوم الساعة.
وللاستدلال على ذلك في الاسلام، نجد ان الباري جلت قدرته، وبواسطة سيدنا جبريل عليه السلام أنزل على خير الخلق عليه وعلى آله الصلاة والسلام أمرا ربانيا «اقرأ»، وهنالك سورة شريفة في الجزء التاسع والعشرين باسم «القلم» ولنا ان نعلم ان الله لا يقسم او يسمي سورة باسم الا ان تكون لها منزلة وذات عليا.
لماذا يا ترى اهتم الاسلام بذلك؟ لأن العليم الخبير سبحانه يعلم ما في الخلق من النشأة حتى قيام الساعة، ولله العلم وهو العليم بأنه لا يمكن ان تتطور امم او ان ترتقي شعوب من دون العلم والبحث العلمي، كذلك حياة الإنسان وعلاقته بكل شيء لا تتم على الوجه الأشمل إن لم يكن هنالك من يوجه ويكتب له بالقلم بما له وما عليه.
أرونا دولة ومجتمعا حصل على الرفاه والتقدم من دون العلم والبحث، وحددوا لنا بشرا تطوروا من دون ذلك؟ ولذلك تغدو أهمية العلم والبحث العلمي لأن من يركب هذه الموجة يجب عليه التضحيات والسهر والضنى، وقد يتعرض للسب أو الأذى أو حتى للمعتقلات والسجون، كما حصل في قضية خلق القرآن.
ولا غرو بأن يمجد خير الخلق عليه الصلاة والسلام العلماء بوصفهم بأنهم ورثة الانبياء، وأن كل ما في الكون يستغفر لطالب العلم، ونستدرك الآن واقع عالمنا العربي والإسلامي خلال قرون مضت او بعد ان يممنا وجوهنا للمسرات والملذات أو أدرنا ظهورنا للعلماء والباحثين اننا اصبحنا في الدرك الاسفل في سلم الحضارة والتقدم.
وفي التفاسير فان سورة القلم تبرز حقيقة التعليم، تعليم الرب للإنسان بالقلم وما يسطرون، اذ ان القلم كان ومازال اوسع وأعمق ادوات التعليم في حياة البشرية، ولكن الباري سبحانه سبقت معرفته بقيمة القلم الذي يخط العلم .
وعلينا ألا ننكر كل تقدم تخطه البشرية بأنه من توافيق الله، فهو مصدر التعليم الذي نستمد منه كل ما علمنا وسنعلم، وكل ما يفتح له من اسرار هذا الوجود والكون وأسرار الحياة بما فيها الانسان ذاته، فكل شيء باسم الله وعلى اسم الله وباسمه نبدأ ونسير وله نتجه.
كذلك علينا ان نقر بأنه مازالت انهر العلم فياضة، وعلينا كأجيال متعاقبة ان نسبر الغور في مشارب البحث العلمي لقوله سبحانه في سورة طه (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
ولكون الباحث والعالم يتركان من خلفهما كنوزا للعلم والمعرفة تنهل منهما اجيال متعاقبة، فإنهم يستحقون وصف الشاعر:
ففز بعلم تعش فيه أبداً
فالناس موتى وأهل العلم أحياء.
[email protected]