اتسمت خبرة صاحب السمو الامير، حفظه الله، وبإدراكه لعقود خلت لأهمية تطوير الإنسان الكويتي من خلال تنمية جميع قطاعات المجتمع ومجالات الخدمات المختلفة، كل ذلك جاء نتيجة خبرة سموه من خلال حقب وتجارب عاشها وتفاعل معها داخليا وعالميا.
ولذلك أرتأى سموه وعوّل على أن تكون الكويت مركزا تجاريا رائدا لتتبوأ صدارة الدول العربية والإسلامية في الحضارة والرقي.
هذه تطلعات يشكر سموه عليها، وليست بغريبة على سموه، ولكن هل واقع مؤسساتنا والعاملين عليها حاليا يساعد في تنفيذ هذه التطلعات السامية ويترجمها إلى واقع؟
تجاربي الشخصية في الآونة الأخيرة، ونتائج تقارير ودراسات محلية وعالمية، أثبتت عكس ذلك.
فلك أن تفكر في مشروع تنموي يضيف الى الدخل القومي ويزيد من فرص العمالة، ويرفع من معدلات النمو والتطور، ثم تذهب الى اجهزة الدولة لتحقيق ذلك، فترى أن- وزارة أو هيئة «س» تحيلك إلى نظيرتها «ص» التي تحيلك بدورها إلى معوقات من الهيئة «ع»، لتعود بعد ذلك إلى الهيئة «س» لينطبق عليك المثل «تيتي وين ما رحتي جيتي»، فترجع متحسرا لتلعن اللحظة التي فكرت فيها لتساعد في أن تكون الكويت مركزا تجاريا.
تقرأ وتسمع عن حقائق مذهلة في أروقة الهيكل التنظيمي الكويتي تبرز وجود معوقات للاصلاح الاقتصادي والمالي، وتذهل عندما تستنتج أن العقد الاجتماعي المعمول به حاليا قد استنفد ادواته لتوزيع الثروة والتنمية، ولا مناص من تغييره لكونه قد أمسى وأصبح مورثا لقطاع حكومي فاشل، ولنظام محفزات مشوه، ولتنويع اقتصادي شحيح، ولنتائج تعليم متدنٍ، لتبرز منهجية توزيع الثروة المتبعة التي تؤثر وبشكل عكسي وسلبي في جودة الخدمات العامة من خلال توظيف الاغلبية من المواطنين في القطاع العام مع توفير انظمة دعم متعددة لتلحق الضرر بالقطاع الخاص وتحد من تطوره بالمقابل.
وأضافت الدراسات كذلك أن نظام الخدمة المدنية فاشل لكونه لا يوظف الكويتيين بناء على الإنتاجية ولا يشجع المواهب، ويشمل اجورا تؤثر في المحفزات وتشوه سوق العمل.
ونحن نقرأ فقط في وسائل الإعلام ان العنصر البشري الكويتي بسواعده مهم في التنمية لاسيما تلك الكفاءات العلمية النادرة، وما إن يبلغ أحدهم سن التقاعد حتى يحال ويعامل كأي موظف عام، بل ان الأدهى من ذلك ان يجدد للكوادر غير الكويتية والتي تكون مثل أو أقل كفاءة سنويا وبعدد مرات أكثر من تلك التي تمنح للكويتي.
فأي تنمية نحن نرتئي؟! ولأي مركز تجاري نصبو؟! ألا يحق لنا أن نكون عونا لأمير البلاد، حفظه الله، في تحقيق تطلعاته من خلال النسف التام لكوادر عفّى عليها الزمن وتحديث مؤسساتنا وقطاعاتنا؟! وكيف لا والباري- عز وجل- أخبرنا في محكم التنزيل في سورة الرعد: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
[email protected]