لا ترتقي الأمم أو تتطور الشعوب إلا إذا كانت هناك خطط وبرامج هادفة لتحقيق التنمية سواء كانت سنوية أو كل ثلاث أو خمس سنوات، وخلافه. ولقد دار لغط كبير وإبهام لتعريف التنمية، فقد يستعرض البعض او يتطرق لهذا المسمى دون تحديد تعريف له.
والتنمية بلغة بسيطة هي «إدارة الموارد المالية والبشرية وتسخير مؤسسات الدولة المختلفة، كل وفق مهامه، لتحقيق أهداف حددتها الدولة للرقي بالمجتمعات والأفراد»، يتطلب كل ذلك اعداد برامج تدريبية وتأهيل للإنسان، لأنه هو هدف التنمية الرئيسي وهو أداة مهمة لتحقيقها، وتتضمن هذه الخطط خططا أخرى بديلة إذا فشل برنامج او تعثر تحقيقه، ولا يمكن للتنمية ان تتحقق دون رؤية صائبة من القيادات السياسية وفكر ونضج في تفكير السلطتين التنفيذية والتشريعية بوجود جسور للتعاون وليس للإرباك، وألا تواكب تنفيذ هذه الخطط محاباة شركات تنفيذية أو أفراد وإن كان ذلك على حساب إنجاز الخطط، وإذا ما حل ذلك في مجتمع ما ـ لسبب أو آخر ـ تكون مناحي التنمية وأهدافها في واد والنمو والتطور في واد آخر يفصل بينها هوة سحيقة.
قرأنا قبل فترة في وسائل الإعلام ان مؤسسات تنموية واقتصادية عالمية قد توصلت ـ بعد دراسات وتحقيقات وتقارير عدة، إلى أن دولة الكويت في منأى عن خط التنمية، وان مناخها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لا يساعد على ذلك، وإذا ما صدق القول فإننا سنجر أذيال الخيبة والتقهقر والتخلف، وقد يكون لذلك مصداقية، إذا ما قارنا ذلك بتصريح إعلامي لإحدى مسؤولي التنمية السابقين بأن الدولة قد صرفت قبل فترة سبعة مليارات للتنمية، فنحن، لنفرض اننا لا نعرف عن أمور السياسات التكنولوجية والتنموية نسأل هذه المسؤولة أن تعدد لنا بالواقع والفعل المشاريع التنموية التي صرفت عليها هذه المبالغ، ونستثني بذلك المشاريع التنموية سابقة التنفيذ مثل مستشفى جابر وجسر جابر، أما الكلام والهراء فهو سهل وقد ينطلي على من لا يعرف مثل هذه الأمور.
تملك الكويت من الموارد المالية العديد، وهناك كفاءات بشرية ـ ونحن نعرف جلها ـ في تخصصات مختلفة، وهناك وزارات وهيئات ومؤسسات ذات طابع علمي وبحثي وتمويلي، وهناك سبل التواصل والعلاقات الجيدة بين الكويت والعالم، فلماذا الإخفاق أو القصور في التنمية؟ هناك عوامل عدة، ولخبرتي أعتقد ان آلية صنع القرار في الكويت ليست بناضجة وفيها قصور، وسيكون لنا رأي في صناعة القرار في مقالات لاحقة.
أثناء إعدادي لرسالة الدكتوراه قبل ثلاثة عقود وعندما كانت الرسالة على وشك الانتهاء، وبعد مناقشات مستفيضة وعديدة مع المشرف على الرسالة، سألني مازحا أو جادا، لا فرق: يا يوسف إذا كنت تدعي وجود كل ما ذكرت في الهيكلية الاقتصادية والاجتماعية للكويت، فلماذا لا تزالون دولة نامية؟
[email protected]