أنزل الباري عز جاهه القرآن الكريم بآيات محكمة التنزيل بحيث لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لتغدو هذه الآيات ولتمسي السور والتعاليم منهجا ليس لحياة المسلم فقط، بل للبشرية جميعا، وإن كان هنالك نقص في الفهم أو عوز في الإدراك فذلك لقصور منا نحن البشر، إذ إن آيات المجيد وكلامه قول ثابت راسخ كرسوخ الجبال.
بين خالق الخلق سبحانه في الآية (110) من سورة آل عمران عليهم السلام أننا كنا خير أمة أخرجت للناس، كيف ذلك؟ وهل يأتي ذلك تلقائيا لأننا مسلمون، كلا وألف كلا، إذ أكمل الجبار هذه الآيات بشروط وهي أن نؤمن بالله أولا ويقينا ويعني ذلك تقواه والعمل بأوامره وأن يكون لنا منهج في الأمر بالمعروف ومنحى ونموذج في النهي عن المنكر.
وتقول التفاسير في ذلك انكم امة الإسلام كنتم في علم الله كذلك ومنذ آمنتم، وفي ذلك برهان ساطع وحق مستنير أن أمة الإسلام خير الأمم على الإطلاق، وان هذه الخيرية مشتركة ما بين أول هذه الأمة وآخرها بالنسبة لغيرها من الأمم، وإن كان الصحابة رضوان الله عليهم أفضلهم فهي أمة خطط لها لتغدو أنفع الناس للناس، ولكن تم تخييرهم بأن يكونوا ذلك ما داموا قائمين للمعروف بشتى أنواعه متصفين به، ونهوا وابتعدوا عن كل ما يغضب الله ورسوله ويكون فيه هلاك وأذى للبشرية والمجتمعات والأفراد على حد سواء.
ولنا أن ننظر وندرس ونتمحص بإمعان تاريخنا الإسلامي فنجد أن بعض المسلمين كان ايمانهم على حرف، بعد ان صعدت روح اشرف الخلق إلى بارئها فانتكس البعض على أعقابهم بمنع الزكاة، إلا أن الخليفة الراشد وصاحب الرسول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وقف لهم بالمرصاد، وأجبرهم في حرب الردة على العودة عن مخالفتهم للإسلام.
وبعد ذلك نرى أن الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم وأرضاهم من بعد الخليفة الأول رضي الله عنه قد قتلوا! وتعاقبت الحوادث بعد ذلك في أمم كانت تدعى بالإسلام وهي لآل البيت قاتلة أو طاردة، وللخمر والجواري والغلمان والرقص والفواحش هم متجهون لتزول أمة بعد أمة، لماذا، لنرجع إلى بداية المقالة.
وتترا الاحداث حتى وقتنا الحاضر لنجد ما حل بأمة الإسلام وبني يعرب ويحل بهم، وإن كان للصهيونية وأعداء الإسلام شرقا وغربا دور كبير في ذلك، إلا أن ذلك ما كان ليتم لولا خنوع شعوبنا وارتقاء سدة الحكم سفاحين مجرمين منتهكي للعرض والخلق ومحرقي الأخضر واليابس، فأصبحت الأمم وأمست الشعوب الأخرى تتندر بحالنا وتتهكم بأوضاعنا، وأصبحنا سخرية وألعوبة.
كيف الحل إذن؟
في القرآن الكريم أمثلة ضربها الله لمناحي الحياة الكريمة للمسلمين ولرقي الإسلام، ومنها قوله تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وماذا لو لم نفعل ذلك؟ الجواب في بقية الآية: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له).