يذكر القصص القرآني أن الله ينعم على قرية بخيرات وأمن ومن ثم يذيقها عذاب الجوع والقتل والدمار والفقر لكفرها بنعم الله، ولا تقتصر نعم الله على المال بل تعتمد على هجر الإسلام واتباع إرشاداته.
والذي شهد من أهل الكويت أو سمع عن واقع الحياة خلال العقود الستة المنصرمة يعلم أن أهل الكويت قد جُبلوا على الخير والتعاون والتعاضد والتكاتف لخير الكويت حكاما ومحكومين ولم يسمعوا عن معتدي المال العام، وإن لم تخل الأحداث من استيلاء على أراض أو رشاوى هنا وهناك.
وإن كان يعيب الوضع انه لم يحاكم او يقتص من احد. ولم تكن هناك رغبة للنزوح والهجرة من الكويت، إضافة إلى المساعدات الحكومية والأهلية لشتى بقاع العالم فزاد الله خيرها على خير.
إلا أننا شهدنا خلال سنوات ظواهر غاية في السوء تغضب الله ورسوله، وسمات للمجتمع الكويتي لم نشهدها من قبل، إضافة إلى التهاون الشديد في وقف هذه السمات أو استرجاع المال العام.
ومن هذه السمات:
٭ التجنيس العشوائي لمن هبّ ودبّ لاسيما تلك الممنوحة بحجة «الخدمات الجليلة» حتى إن أحد من منح الجنسية كان من المتعاونين مع الطغاة العراقيين أثناء احتلالهم لأرضنا. ونتج عن ذلك هتك عرض النسيج الكويتي بأزلام وأغاوات لا يريدون إلا حلب الكويت.
٭ نتج عن ذلك عقم أداء مجالس الأمة مما أدى إلى حل المجالس عدة مرات ومن ثم عدم الاستقرار السياسي.
٭ هجرة بعض الكويتيين للعيش في بلدان أخرى والابتعاد عن المجتمع الكويتي والترهل السياسي في التعيينات على حساب الكفاءة والعطاء.
٭ استيلاء الرويبضات على مناحي القرار السياسي مما قاد الفكر السياسي الى العقم والترهل والقصور في النظر والبعد الداخلي والخارجي لافتقادهم للمعرفة والعلم والفكر المستنير والخلاب.
٭ بروز الولاءات والإغراءات لشراء ناقصي الذمة وفاقدي الضمير.
والأبرز من ذلك، وقد يكون الأهم استنزاف المال والسرقات وهتك عرض الاقتصاد ومالية الدولة، ولنذكر هنا بعض الأمثلة والتي تم تداولها في أروقة المجتمع ونشرت في الصحف والمجلات وتبودلت في وسائل الاتصال الاجتماعي:
٭ سرقة العصر الثانية لعشرين مليون برميل من البترول وبقيمة مليار دولار حسب ما ورد في تقارير ديوان المحاسبة اذ تم صرف ذلك دون اذون صرف.
٭ خصصت الدولة ستة وثلاثين مليارا لخطة التنمية والتي كانت كبيض الصعو نسمع به ولا نراه، حتى وصلت الى تسعة عشر مليار دينار من غير أن نرى مشروعا استراتيجيا خلال هذه الفترة.
٭ حصول البعض بأساليب مضحكة على الملايين، منهم من يقول وجدتها في خزانة والدتي، ومنهم من يقول أنها مقابل دراسات واستشارات.
شراء صفقة سانتافي بقيمة مليارين ونصف المليار دولار عوضا عن تأسيس شركات بترولية داخل الكويت وذهبت هباء منثورا بأسماء إخوان وأصدقاء.
٭ ضياع أو المشاركة بالانتفاع بخمسة مليارات دولار في استثمارات بإسبانيا على أيدي شراذمة بخسون لا يخافون في الله لومة لائم.
٭ سرقة القرن الثالثة والمتمثلة في سرقة أموال المتقاعدين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
٭ ضياع أكثر من ملياري دولار في صفقة الداوكيميكال المشبوهة.
٭ وانطلاقا من قاعدة «حرام على بلابله الدوح حلال على الطير من كل جنس» يسهم بعض ضعاف النفوس من الموظفين باستقبال الرشى لهتك المال العام كمشروع تطاير الحصى في الطرقات وتوزيع الأراضي الزراعية والإتاحة لإحدى عشرة شاحنة أن تغادر الميناء بردا وسلاما.
٭ وكذلك من منطلق «المال السايب يعلّم السرقة» فلا حسيب ولا رقيب، شمر الأجانب في مكاتبنا الثقافية والصحية سواعدهم للسرقة.
٭ تغص تقارير ديوان المحاسبة سنويا بالمخالفات الجسيمة التي يرتكبها الوزراء والمسؤولون وهذا الديوان يتبع الأفاضل مجلس الأمة، فلم نسمع عن مال رد أو مسؤول حوسب، بس لا تعودونها
٭ التقاعس عن استرداد وتحصيل إيجارات لممتلكات الدولة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
٭ كان لدينا 14 مليار دينار فائضا والآن نتوجه للاقتراض لسد العجز في الميزانية؟
هذا غيض من فيض، وكل هذه الأموال وغيرها ذهبت هباء منثورا.
ووفق القواعد الشرعية فإن لكل جريمة مجرما أو مجرمين ولكل فعل فاعل، فإلى يومنا هذا لم يحاسب احد ولم نسترد لخزينة الدولة فلسا واحدا.
وبعد ذلك ألا تعتقدون ان كفر البعض بآيات الله وفسقهم قد يؤدي إلى عقوبة وخيمة ستشملنا جميعا إن لم يتحرك أولو الحل والعقد لإعادة أموالنا وإغلاق قنوات الفساد حتى لا ينطبق علينا بحق قوله تعالى: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا).
وإني لأرفع كفي للباري عزّ وجلّ عن أهلي أهل الخير بالكويت داعيا «ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا».
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ودخيلك يا الله.
[email protected]