تميز القرآن الحق والذي نزل من الحق على من قوله حق بأن ما انطوت عليه صفحاته هو الحق.
فالقرآن يشتمل على أحكام وقضايا... إلخ، لعصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم مرورا بجميع العصور إلى أن يرث الله المعمورة ومن عليها.
ولذلك فإن آيات أحكام الصيام، على سبيل المثال، نزلت في صدر الإسلام ومن ثم تتبعها اجيال بعد اجيال وهذا سر خلود القرآن المجيد. وإذا قسنا ذلك على أمور أخرى من أمثال لحياة الانسان ومن تعامله وتصرفاته، نجد ان عظة القرآن تنكر عبر العصور، والانسان ليس لها بسامع او حذر!
فتتكرر المعاصي تلو المعاصي وترتكب الآثام بعد الآثام وتترا المفسدات الواحدة تلو الأخرى، إلا ان الأجيال لا تتعظ بما حل بأجيال سبقتها، وقد شاهدوا افعالها المشينة وما اقترفته ايديهم من آثام، ففي سابق الاحداث نجد ان الطغاة بالمال والجاه والمنصب لا يعبأون بتعاليم الاسلام، ولا يكترثون بنصائح اهل العلم ولا يأبهون لما حدث قبلهم من احداث هم قائمون عليها، فترى العديد من اصحاب الجاه والثراء والمنصب، إلا من رحم ربي، تأثم أيديهم وأرجلهم وألسنتهم وجلودهم بعمل كل ما يغضب الله ورسوله، حتى إذا جاء يوم العرض على الديّان سبحانه فإن لسان حالهم يقول: لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه، بل خلص الامر إلي وحدي فلا معين لي ولا مجير، وأهلكت عني حجتي وضلت عني فيؤمر به إلى جهنم ليصلى في نار سقر.
ولنا عبرة في حياة شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي حكم ايران بجبروت الطاووس لعقود خلت وكان يتعالى على الناس ويتفاخر بجاهه وثرائه وعرش الطاووس وأن جيشه هو خامس جيش في العالم وأنه حارس الخليج.
بيد انه وعندما ازفت الساعة كان يترجى ان يمنح فرصة لإصلاح الوضع وذات البين.
ولما ارغم على مغادرته لطهران كان يتوسل إلى حليفه الاكبر الولايات المتحدة الاميركية - وقد تعرض للمرض اللعين حينها - ان تمنحه فيزا للدخول والعلاج.
فهل يتصور عقل اعتذار الاميركان له وعليه ان يتوكل على الله في مكان آخر؟ لماذا؟ لأن السياسة ليس لها صديق او عدو دائم فأنت يا شاه ايران تنادي: ما اغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه، إلى ان عطف عليه الرئيس المصري محمد انور السادات ليعيش بقية عمره ويدفن في مصر وتوزع اولاده وزوجه في بقاع العالم. يا لسخرية القدر أيعقل ان يهلك عن شاه ايران سلطانه؟
يروي لي صديق عن أحد المسؤولين العسكريين في الجيش الكويتي بأن ديوانه كان يمتلئ ليلا بالعديد من أمة لا إله إلا الله وغيرهم حتى أنك لتعرف كميتهم من الكم الهائل من مداساتهم خارج الديوان.
ولما عرف هؤلاء الرواد ان مال وسلطان هذا المسؤول سيزول بإحالته الى التقاعد راح العدد ينقص يوما بعد يوم، وعندما احيل الى التقاعد اخبرني محدثي بأنه لم يبق في الديوان سواه وخادم الديوانية.
لن نقول يا لسخرية القدر لأن قصص القرآن تبين لنا حالات مثل فرعون والنمرود وقارون وأبي لهب وأبي جهل وغيرهم الكثير، فهل يتعظ من له مال او جاه وسلطان بأن الشخص اذا لم يحسن استخدام تلك الهبات الإلهية لرضا الله ورسوله ولمساعدة الخلق لاسيما المحتاجين منهم وبعدم استخدام سلطته باختراق القوانين والكسب الحرام فسيأتي يوم ذلته عند عرضه على المولى ليقول بندم وحسرة ما دفعت عني ثروتي وجاهي وتسلطي وقوتي وسلطاني، ولم يدفع عني ما جنيته من المال من عذاب الله شيئا فتركني وحدي لا معين ولا مجير ولكن، ولات حين مناص، فنفسه مليئة بالحسرة والأسى.
ومن سياق الإعجاز القرآني يذكر ملك الملك في سورة هود عليه السلام عن القصص القرآني بأنه الحق وعظة وذكرى للمؤمنين.
فهل نتعظ بمن سبقونا؟ كلا وألف كلا.
فنسمع عمن كان له سلطان سياسي وحصانة، وكذلك من كان له مال اكتسبه بغير حق، قد اضحى وأصبح وأمسى طريدا مشردا ينتقل من بلد إلى آخر خوفا من تعقب الشرطة الجنائية الدولية له لاعتقاله وإحضاره الى الكويت بخزي وعار، ومن ثم بطش الجبار يوم العرض.
فهل من مدكر؟
[email protected]