الغلول في اللغة خيانة الأمانة، وفي الشرع الاعتداء على او سرقة او سلب الحق العام وممتلكات المسلمين بطريقة مباشرة او غير مباشرة وبعلم او بغير علم ولي الامر.
ولقد وعد الله- سبحانه وتعالى- الغالّين بقوله: (ومن يغل يأتي بما غل يوم القيامة)، ولقد بين سيد الخلق- عليه وعلى آله افضل الصلاة وازكى التسليم- ذلك عندما اخبره المسلمون والصحابة اثر احدى الغزوات باستئثار احدهم بغنائم قبل ان توزع او يأذن بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم بأنه سيحمل ما غل او سرق يوم القيامة وعلى رؤوس الاشهاد ليفتضح من جراء عمله.
وقد يعجب اهل الكويت من ان يقسم الوزراء امام صاحب السمو هم واعضاء المجلس في المجلس على عدة امور، منها المحافظة على المال العام والذود عنه، وهذا قسم ان لم يحفظوه فإن اليمين الغموس «الكاذبة صراحة وتجرؤا»- علموا ذلك او تجاهلوه- تغمس صاحبها في النار.
ولقد تسابق وزراء الصحة ولسنوات مضت وتباهوا بإرسال كم هائل من الكويتيين للعلاج السياحي في الصيف لشتى اقطار المعمورة، وتراهم يوقعون طلبات النواب بنفس راضية كسبا للمودة، وهم لعمري قد اوقعوا- الوزير والنواب- انفسهم في يمين غموس لجل معرفتهم بما اقترفته ايديهم.
ولكي يصعق أهلي أهل الكويت، أخبرهم بأنه تم خلال السنتين المنصرمتين صرف مليار وستمائة مليون دينار على هذه السياحة العلاجية، فليعش الوزير وليتمتع النواب الذين تعمدوا فعل ذلك ويهنئوا يوم القيامة بما اقترفته ايديهم من خيانة للامانة ولليمين الغموس.
أخبرني صديق- كما اخبرني عن اسم النائب- بأنه حصل على توقيع الوزير في الفترة ذاتها هو وعدة من رهطه للتوجه للعلاج في الدول شرق اوروبا لأن جل عملهم بالعلاج الطبيعي ولأن نهجهم بالتمديد لمدة شهر وتصرف المخصصات لمدة شهر. وتابع حديثه قائلا: وبعد ان اكرمنا الطبيب المعالج بالمقسوم، وبعد ان تسلمنا مخصصات شهر مقدم نقدا عدنا للكويت، فمنا من بنى له دورا في سكنه، وآخر اصطحب اهله في رحلة سياحية، وثالث اقتنى سيارة، كل ذلك على حساب اهل الكويت، ولنقرأ ما ذكر مسؤول في ادارة العلاج في الخارج في وزارة الصحة قبل اسبوع: تم إرسال العام الماضي فقط 16800 حالة لدول متعددة، وان الاموال التي صرفت في السنوات الماضية كانت كفيلة ببناء مدينة طبية شاملة.
لا مراء في انهم في السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء اما لا يعلمون بهذا النسيب، وتلك المصيبة، او انهم يعلمون تاركين القرعة ترعى، ضاربين بالمال العام عرض الحائط، بس لا يزعل علينا النواب ويستجوبون الوزراء، وتلك مصيبة اعظم.
ونحن الآن لا ندري كيف نوقف الهدر للمال العام في العلاج السياحي او غيره، لأن من قد نطلب منه ذلك، وهما السلطتان التنفيذية والتشريعية، على دراية بمعرفة تامة بتفاصيل وحيثيات الامور، فلمن نشتكي؟ لغير الله؟! ومتى ستعمل هاتان السلطتان على المخافة من الله اولا والمحافظة على اموال الكويت ثانيا؟!
وليس لي الا الامتثال لقوله تعالى: (والذين إذا أصبتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
وأقول: ألم يأت الوقت لمثل هؤلاء الغالّين ان يتخذوا مقولة مؤسس نهضة الكويت الشيخ عبدالله السالم- رحمه الله: «ان ثروة الكويت ملك لشعبها»؟!
[email protected]