لا جرم أن الفن الراقي بشتى مكوناته يساهم مساهمة فاعلة في تطوير المجتمعات ورقي البشر، من خلال عرضه ومناقشته للمشاكل المحلية أو الخارجية وطرح حلول لها، وبتسخير الأغاني والمشاهد الوطنية التي تبث في النشء حب الوطن والابتعاد عن الشر.
ولا غرو أن محبة الله لأهل الكويت تمثلت في نبوغ الكويتيين رجالا ونساء بمجالات وقطاعات مختلفة في المجتمع، حتى غدو مثالا صارخا ونموذجا يقتدى في الدول الأخرى.
ولا شك في أن فقيد الكويت الفنان المبدع والمؤلف الملهم عبدالحسين عبدالرضا قد غزا وملأ بعطائه ورقي أدائه وعظيم فنه قلوب أهل الكويت صغيرا وكبيرا، رجلا أو امرأة، عالما أو جاهلا، ومنها انطلقت شهرته يضحي ويمسي، لا مناص، سفيرا للفن الكويتي ومثالا لعطاء أهل الكويت.
والمتتبع لمسلسلاته ومسرحياته عند أيام الأبيض والأسود وحتى آخر ظهور له في رمضان المنصرم ببرنامج «سيلفي» مع ناصر القصبي، يستنتج ان لكل اداء وعطاء رسالة يريد ان ينقلها لأهل الكويت والخليج والعروبة، فتارة يركز على عقوبة النصب والاحتيال، وتارة يكشف عن سوء مصير السارق، ولقد بلغ ذروة عطائه وحبه للكويت في مسرحية «سيف العرب» والذي قيل انه قد دفع عشرة آلاف جنيه استرليني لقناع يشبه المقبور صدام حسين.
ويجب ألا ننسى في هذا المقام، وحيث ان لكل مقولة مقاما ان هذا الإبداع لم يكن ليتم لفقيدنا، رحمه الله، لولا مساندة ومشاركة كوكبة عديد من الممثلين والممثلات وفي مقدمتهم سعد الفرج وخالد النفيسي وسعاد عبدالله وحياة الفهد والمرحوم غانم الصالح.
ويكفي فقيدنا، رحمه الله، وزملاءه ان مسلسلا مثل درب الزلق لا يزال يعرض في الكويت والخليج منذ أربعة عقود. وفي هذا الصدد أخبرني مؤلف هذا العمل عبدالأمير تركي، رحمه الله، وكان زميل دراسة لنا، بأنه لم يشهد ولم تمر عليه في مسيرته الفنية شخص له التزام وإخلاص ووفاء لعمله مثل عبدالحسين عبدالرضا، رحمه الله.
صادفت في حياتي مرتين للاتصال واللقاء مع أبوعدنان، رحمه الله، فقبل سنوات خلت تبنى من خلال شركته فنون انتاج شريط فيديو لاعتزال جاسم يعقوب، ولما شاهدت البروفة الأخيرة كانت لي ملاحظات فاتصلت به هاتفيا وتقبل ملاحظاتي وأخذ بها وقال لي بالحرف الواحد: يوسف لا تحاتي جاسم حبيب الكويت وابنها، ولقد سطر هذا الشريط مسيرة جاسم يعقوب، والمرة الأخرى قبل ما يزيد على العام وعند حضوري لعقد قران آل العقاب الكرام في الشويخ وعند خروجي من الديوان كان المرحوم يهم بالولوج الى سيارته ولما رآني عاد متوجها لي للسلام والتحية، حيث تحمدت له بالسلامة وشرح لي، رحمه الله، حالته الصحية.
فإن تمثل العطاء والإبداع من حسن الخلق وحب الكويت، ماذا ينجم عن ذلك؟
فكم من ابتسامة، رحمه الله، قد رسمها على وجوه المشاهدين، وهل ينسى اي شخص عطاءه المتميز في اوبريت بساط الفقر.
يا ليت يا أبا عدنان تعرف وانت في مثواك الأخير حب أهل الكويت لك حيث شارك في مواساتك الحاكم قبل المحكوم، وترحم عليك محبّوك في الكويت وخارجها.
وها هي مقولة أميرنا وحبيبنا سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، في وداعك: «لقد فقدت الكويت في رحيل عبدالحسين عبدالرضا عملاقا في الفن المسرحي» وتوج سموه، حفظه الله ورعاه، ذلك بنقل جثمانه بطائرة أميرية وتقبل عزاءه في مسجد الدولة.
رحمك الله يا أبوعدنان وأسكنك فسيح جناته وألهم ذويك الصبر والسلوان.
[email protected]