ترتكز فلسفة الإسلام على عدة مسلمات منها:
٭ تضمن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أمورا جمة تتعلق بالإنسان وعلاقته بربه والخلق والمحرمات والمحللات وعبر وقصص لأقوال سابقة.. الخ.
وان على الرسول صلى الله عليه وسلم ان يصدع بما أنزل عليه وأمر والا يخشى إلا الله، وان عليه ان يدعو كما ورد في آخر سورة النحل بالحكمة والموعظة الحسنة.
٭ ان يتابع المسلمون وعلى مر الأجيال هذه الامور وفق معطيات لا تتعدى الاطر السالفة الذكر.
وحرى بالذكر ان كثيرا من المسلمين الدعاة منذ عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الى يومنا هذا ما انفكوا بتبليغ رسالة الاسلام ومعطياته، جزاهم عنا كل خير.
ففي الآية الخامسة من سورة ابراهيم عليه السلام أنزل الله جوامع الكلم بقوله تعالى: (وذكرهم بأيَّام الله ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور).
ومضمون هذه الآية الجليلة ان يا محمد بلغ قومك كما بلغ الرسل عليهم السلام من قبلك - بنعم الله عليهم واحسانه اليهم، وكذلك ببلائه في الأمم المكذبة ووقائعه بالكافرين ليشكروا نعمة الله «للخيرات والنعم» وليحذروا عقابه «في الكفر والعصيان والفجور والحرام».
ووردت كذلك الآية 124 من سورة الأنعام بذات المعنى بقوله تعالى (سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد).
اي ان من يقترف بلسانه ويده ورجله وجوارحه إثما وأعمالا تغضب الله ورسوله والمؤمنين سيجابه من المنتقم اهانة ومذلة بعد استكبارهم وبما ملأ به قلوبهم من الكبر، وان مصيرهم عذاب شديد ليس بكفرهم فحسب، بل وبسبب مكرهم وحيلهم في الاستيلاء على خيرات الشعوب والافراد، فكلما تكبروا على الحق وعصوا الله ورسوله اذلهم الله.
ان على أمة الاسلام دعاءً كانوا أو واعظين او اصحاب قلم ورأي ان يكملوا رسالة الاسلام فيما نزل على سيد الخلق عليه وعلى آله الصلاة والتسليم، لماذا علينا ان نفعل ذلك؟ لعدة امور منها ان ما خوطب به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وأمر به علينا اتباعه والتأسي به ومنها ان الموعظة والتذكير دلالات هامة تشير الى التوحيد وترنو الى كمال العقيدة، وعلينا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم «من رأي منكم منكرا فليغيره...»، كذلك لا ننسى ان الساكت عن الحق إن هو إلا شيطان اخرس، وكذلك علينا ان نأخذ من دعاة صدور الاسلام الأولى مثل ابن حنبل وابن تيمية وبن جبير وغيرهم ممن تصدوا للجبابرة الطغاة حتى سجنوا وقتلوا، ولا ننسى القول الكريم «لا يزني ولا يسرق ولا يقتل الانسان وهو مؤمن».
انتشرت في السنين الماضية وفي العديد من الدول ظاهرة استيلاء واستحواذ ذوي السلطة والجاه على حرمات الدولة وخيرات الشعوب واستباحوها كاستباحة الزاني للزانية، ولم تأخذهم بذلك لومة لائم، اما لكونهم اصحاب نفوذ لا يطالون او ان السلطان قد غمرهم بجناحيه واظلهم حتى لا يدانوا، او ان الجهات المعنية في السلطة تقدم للقضاء والنيابة معلومات ناقصة او مضللة تجبر على براءتهم وهم باعتقادهم انهم بذلك قد نجوا ونسوا ما ذكره سبحانه في الآية 53 من سورة القمر (وكل صغير وكبير مستطر) وأين لهم الإفلات من عذاب القبر او الغموس بالنار يوم لا يكون هناك من قوة او ناصر، فلقد ذهب كل ذلك امام خالق الخلق.
وان كان دور الخطاب والواعظين بدعوة المسلمين الى الهدى ودين الحق، وان يذكروهم بالآيتين الكريمتين في صدر المقالة، وان لم يفعلوا ذلك او يخافوا او يجاملوا فعليهم هم قبل هؤلاء المسؤولية والمحاسبة وأثم القصور في الدعوة والابتعاد عن المنكرات وارجاع الحقوق للدولة وللناس.
(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. الحج 46).
[email protected]