خلق الله السموات والأرض ثم الإنسان، والذي تميز بصفات حميدة وأخرى إجرامية، وذلك منذ ان قتل قابيل هابيل. لذا، فإن الشقاء والبؤس والقنوط قد تلازم بعض البشر جراء ما اقترفته ايديهم أو ألسنتهم وأقوالهم وأفعالهم، فيصبح هذا الإنسان في شقاء ويمسي في نفس مضطربة بالحزن وملأى باليأس.
بيد أن الرحمن الرحيم ـ وهو سبحانه العالم بحال خلقه، حدد لهم طرق وجدد لتشفى به نفوسهم من الشقاء ولتلتهج به ألسنتهم بالتوبة.
وها نحن في خضم هذا الشهر الكريم ـ وليس منا إلا من رحم ربي ـ قد اقترف من النواهي والجرم كثر أو قل، وما علينا إلا ان نستغل هذا الشهر الكريم الذي به الرحمة والتوبة والعتق من النار، إلا ان تكون لنا شجاعة وكرم وخلق رفيع للاعتذار لمن أسأنا له بطريقة او بأخرى، او ان نكون قد اعترفنا بالاثم نرجو به التوبة، وفي احد خواطره بين الداعية الإسلامي الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، والذي بين ان الإسلام سيعالج آفات العالم لكونه، رحمة للعاملين، في كل زمان وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، فالقضايا والآثام التي تمس حياة الخلق، لها ما يعالجها في منهجه سبحانه، اذ ان التشريعات السماوية والأحاديث الطاهرة حتما تعالج واقع حال المجتمعات والأفراد.
فإذا انتشر الفساد في شتى أنواعه وما أكثره في يومنا هذا إلا وعالجه الشرع لتشفى الناس منه، شريطة ان يتبع المسلمون هذا النهج والنصح والحل الإلهي، حينها ستختفي عن المجتمعات الفساد والآفات والأمراض الاجتماعية، اذ ان ديننا هذا لهو وقاية لنا من هذه الآفات والانحرافات، يقول تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة).
فالشفاء من خلال معالجات هذه الآثام رحمة لكونه يمنع من وجود مثل هذه الحالات والداءات في مجتمعاتنا.
ففي بدء الخليقة كان على الرسل البلاغ، اما العقاب فسيأتي من السماء إما بالغرق أو الخسف أوالصيحة... الخ.
بيد ان رسالة سيد الخلق عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، أمن الله الإسلام ليقوم بتأديب المخالف العاصي لأمره سبحانه باختياره للخلق بأنهم ستكون لهم معيشة ضنكا في حياتهم الدنيوية خلاف عذاب القبر ان هم اقترفوا الآثام والذنوب دون الإقلاع عنها، فالسماء لن تتعجل بعذابهم كما حدث مع الأمم السابقة، فلقد ترك لهم الإسلام فرصة التوبة من خلال الإقلاع عن المعصية وإرجاع للدولة والناس حقوقهم المغتصبة مصحوبا بالاستغفار.
وبذا تكون الشريعة الإسلامية السمحاء قد فتحت أمام المسلمين الغافلين المنتهكين لحدود الله، أبواب التوبة ومن ثم الغفران للإفلات من عقاب الدنيا وخزيها وسعير الآخرة وجحيمها من خلال عذاب القبر.
في هذا الشهر وحرمته هل من مدّكر؟!
[email protected]