لم تقاوم ابنتنا «مريم» هذا الداء اللعين الذي أصابها ونقلها عاجلا إلى الولايات المتحدة لمدة أسبوعين ليسترد الله أمانته، عن عمر 54 عاما لتقول لنا جميعا موعظة الموت، وان الأجل قادم لكل إنسان طال أو قصر يومه.
يا الله! يا «مريم» كعادتك وهدوئك تركت الكويت والأندلس وأنت صابرة متحملة أوجاع هذا المرض اللعين، على أمل أن تنالي حظك من العلاج، غير أن المنية وهادم اللذات كانا أسرع من جرعات العلاج، لأن مرضك وحش كاسر لا يرحم إن تمكن، لهذا أسموه أهلنا في الكويت بأسماء «الخبيث أو الشين» لأن السرطان يحمل هذه الصفات القبيحة.
يوم الاثنين الماضي صباحا دفنا ابنتنا «مريم عبدالله عيسى جابر» الموافق الـ27 من ذي القعدة 1435 هـ الموافق 22 سبتمبر 2014م، وهي زوجة ابن العم سليمان علي الضاعن. والذي أراه متعايشا مع هول الصدمة متمسكا بإيمانه، صابرا، محتسبا.
يقول لي في همسة دامعة: الله اعطى والله أخذ، لقد أعطتني (عبدالرحمن وعبدالله و3 بنات) وكلهم من ريحتها وربي يعيني ويعينهم على الحياة من غير هذه «المريم» الأصيلة لأن امر الله كائن امتثالا لقوله تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) ـ النحل: 61.
والحقيقة أن «أمّ عبدالرحمن» أُمّ لا تعوض فهي تخصصها كان في الأجهزة والحاسوب إلا أنها ما كانت تحسب حجم كسارة هذا الوحش الذي هاجمها من غير رحمة، اللهم إلا رحمة رب العالمين التي أنقذتها من مشوار طويل من (اللوكيميا) وهو علاج صعب وقوي يهد الحيل، واسألوا كل من مرّ به أو جربه، ولعلها «مكرمة» إلهية لابنتنا مريم رحمها الله.
معدن أمّ عبدالرحمن الأصيل اتضح في الملمات يقول زوجها سليمان الضاعن: كنا في سورية إبان الاحتلال العراقي الغاشم، كانت على الدوام تحفزني على المشاركة في أي نشاط معاد للمحتلين، بل كانت تشجع كل النساء الكويتيات على الخروج في المسيرات للإعراب عن غضبهن ورفضهن للاحتلال العراقي، كانت وفية لدينها وديرتها.
وأنا أقول: ارجو ان ندعو لها جميعنا بأن يكون قبرها روضة من رياض الجنة، ومنزلتها الدرجة العالية من الفردوس الأعلى.
****
ومضة: عظّم الله أجرك أخي وحبيبي أبا عبدالرحمن (سليمان الضاعن)، والتعزية موصولة لأخيها د.عيسى جابر، وهو من أوائل المعلمين الكويتيين الذين كان لهم دور طيب وفعال في قطاع التربية والتعليم.
****
آخر الكلام: كنت يا مريم أصغر خواتك ورحلت دون سابق إنذار ولا نقول يا أمّ عبدالرحمن إلا ما تعلمناه في ديننا، إنا لله وإنا إليه راجعون. إن مصاب آل «جابر» وآل «ضاعن» لعظيم بفقد بنت الكويت المخلصة الوفية فكل بناتك «مرايم»، وليس لابن عمي إلا الصبر كعادته وهو الفارس الذي ترجل منذ قريب من البطاقة المدنية تاركا الاثر في نفوس مواطنيه ومراجعيه.
أبوعبدالرحمن.. لا نملك إلا الدعاء لك ولأسرتك الصغيرة ولكنني على يقين أن «سليمان» قادر على تجاوز هذا الابتلاء، فما أعظم موعظة الموت يا مريم!
رحمك الله في هذه الليلة المباركة ومئات الآلاف تدعو لك، وهل هناك أبلغ من هذه الموعظة يا سليمان؟!
[email protected]