[email protected]
بني حبيبي: أعرف اننا خذلناك حكاما ومحكومين بجسدك الطاهر الذي تلاعبت به أمواج البحر المتوسط، ولعله اكرم منا جميعا، اذ قذف به على ساحله دون خدش وكأنه يوصلها لنا رسالة واضحة لا تقبل اللبس «استحيوا شوية».
هكذا هي أمة العرب اليوم والمسلمين، امة مهانة الجانب، فلو كان هذا طفلا «اسرائيليا» لقامت الدنيا وما قعدت نصرة له، اما اطفالنا فمستباحون ودماؤنا مستباحة، فهذا طفلنا تعرض صورته وليس من احتجاج الا من الافراد وهم قلة والاكثرية يلوذون بالصمت المطبق للأسف!
ابني ايلان عبدالله كردي، أكتب سطوري وأعتذر لك نيابة عن مليار مسلم مقهور يشاهدونك «مرميا على الساحل»، وكأن ظهرك يقول لنا: «وجهي لا يريد رؤية وجوهكم الجبانة!».
والله أبكتني صورة هذا الطفل السوري الغريق على سواحل بودروم التركية، واعتبرها الصورة الاكثر تأثيرا من صور اللاجئين السوريين، أتدرون ما قصة ايلان كردي وعمره 3 سنوات الذي مات غرقا ومعه شقيقه غالب وعمره 5 سنوات؟!
تقول عمتهما تيما الكردي: لقد كانا برفقة والديهما على متن زورق مكتظ باللاجئين السوريين الفارين من جحيم البراميل المتفجرة والميليشيات المتحالفة مع الشيطان و«داعش» وانقلب الزورق المطاطي الذي يقلهم قرب جزيرة كوس اليونانية، وفارق الطفلان الحياة مع والدتهما ونجا والدهما عبدالله، وهكذا فرت الاسرة من كوباني تريد الحياة بعيدا عنها وعن جحيمها.
وتواصل العمة تيما قائلة: والد الطفل ايلان كان قد قدم طلب لجوء الى كندا الا انه رفض في العام الماضي. وتقول العمة الغاضبة: لو ان الاسرة حصلت على سترات النجاة لكانت فرصتها في الحياة اكبر، خاصة أن التقارير تقول ان البحر كان هادئا وقت انقلاب الزورق.
وتختتم بزفرة حارة: لقد حاولت قدر الاستطاعة مساعدة العائلة بوضع مبلغ من المال في حساب بنكي الا ان محاولاتي باءت كلها بالفشل، وهكذا وجدت العائلة نفسها مضطرة الى مغادرة سورية بزورق الموت.
وهكذا نرى اليوم المشهد واضحا على موت الضمير العربي والاسلامي والعالمي للأسف!
ومضة (1):
صغيري ليس يسعفني الكلام
وحرفي هل تراه له مقام
يفر صغارهم من نار حرب
وموج البحر يقذفهم ركام
ومضة (2):
وامعتصماه!
امرأة مسلمة استنجدت بالخليفة المعتصم بالله من الروم، حرك على اثرها المعتصم جيشه آنذاك لنجدتها، واليوم يباد الشعب السوري ويهجر على مرأى ومسمع من العالم والكل يبحث عن ذاك المعتصم.
آخر الكلام:
يا أيها البحر لا تبكي وتبكينا
وابلع دموعك ان الدمع يؤذينا
متى ستعرف ان الموج موطننا
فليس من بلد في البر يأوينا
يا أيها البحر لا تبكي على شعب
أبكى الصخور ولم يبكِ السلاطينا
كل البلاد بوجه الضيف مقفلة
الا السماء اراها رحبت فينا
وهكذا رأى العالم كله حكاما وشعوبا صورة الطفولة تلفظ دون شاطئ انساني، وأدمعت عيوننا وفطرت قلوبنا!