[email protected]
الكويتيون محسودون، وهذه حقيقة، وسأقول لكم لماذا؟ علما بأن كثيرا من المواطنين لايزال يعيش المظاهر الكذابة وعليه سلف وأقساط.
«الرزاق في السماء والحاسد في الأرض»، هذا هو واقع الحال في ظل الأزمة المالية الجديدة ودعوات من قبل الجهات المعنية إلى الترشيد والإنفاق، ولا يوجد شعب محسود على النعمة مثل شعبنا فهو مكفول من المهد إلى اللحد.
قال المأمون: «ثلاث لا يعدم المرء الرشد فيها: مشاورة ناصح، ومداراة حاسد، والتحبب للناس».
سمعتم بمن «مسك الحبة وفلّت الدبة»، أصوات حكومية وأخرى شعبية تتعالى كل يوم بضرورة الترشيد نتيجة انخفاض اسعار النفط العالمي لأدنى مستوى منذ سنوات إلى 34.7 دولارا للبرميل، كذلك تراجع سعر برميل النفط الكويتي إلى 26.06 دولارا للبرميل «حسب الأسعار المعلنة في 3 فبراير الجاري».
السكين بلغ العظم، والجميع يعلم ان النفط هو المورد الرئيسي للبلاد، والآن ينهار هذا المورد، الأمر الذي يدعونا الى التعامل بحزم وحصافة تجاه هذه المتغيرات التي أثرت على ميزانياتنا المالية بالفعل.
وحسبما أعلنت عنه الدولة من توقعات بتحقيق عجز مالي لميزانية 2016-2017 قدره 12.2 مليار دينار وهو ما يمثل 64% من إجمالي المصروفات المقدرة وذلك في ظل الهبوط المستمر لأسعار النفط، علما أن الميزانية تم حسابها على أساس 25 دولارا كسعر لبرميل النفط، وأن المصروفات في الميزانية المقبلة ستكون 18.9 مليار دينار بانخفاض 1.6% عن السنة المالية الحالية في حين ستكون الإيرادات 7.4 مليارات دينار.
الأمر الآن أصبح خطيرا، والشر بات مستطيرا نتيجة العوامل الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة من جهة، وهبوط أسعار النفط من جهة اخرى، بالإضافة الى عوامل اقتصادية متعددة لها آثارها الممتدة على اقتصادات الدول الكبرى والدول المحيطة بنا، وربما تكون هي الأسوأ منذ الكساد الذي ساد العالم في القرون الماضية، فالأزمات الطاحنة لها تأثيراتها المدمرة على جميع الاقتصادات في العالم.
إذن، كيف نتعامل مع هذه الأزمة؟
فكل من عاش على أرض الكويت منعم بالكثير من نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى، ومن حق الكويت علينا ان نرد لها الجميل، قال تعالى (.. وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ـ الأعراف: 31)، والمصيبة أن هذه السيارات الفارهة والمنازل الجميلة الضخمة كلها أقساط، وبالكويتي «تيش بريش» كشخة على الطل!
وإذا كان الترشيد في المعنى عكس التبذير، فإنه من الواجب شرعا عدم الإسراف في كل شيء يكلف البلاد ويستنفد مواردها دون داع، ونحن مأمورون بذلك كما جاء في كتاب الله تعالى.
الامر الثاني: لا بد من الدعوة الى ابتكار موارد دخل جديدة تساند النفط.
والمعروف ان المواطن الكويتي البسيط الذي يعتمد دخله على راتبه التقاعدي لم ولن يشغل باله بما يقولون لأنه آخر الشهر يقف أمام جهاز الصراف الآلي ليسحب راتبه الشهري غير مكترث بما يقولون من عبارات لا يفهمها ولا يفقهها ولا تعني له شيئا، وهنا ينبغي ان يكون هناك وعي جماعي للمجتمع بما يدور من مخاطر قد يكون لها تأثير سلبي على حياتهم اليومية ومعايشهم.
واذا كانت الطبقة المتوسطة هي ملح الأرض وأساس البنيان في المجتمع الكويتي، فإن على الدولة وأجهزتها والمؤسسات الاقتصادية وجمعيات النفع العام في القطاع المدني أن تنشط في تقديم التوعية الشاملة لما هو قادم عن طريق الباحثين والمتخصصين ورجال الأعمال ليدلوا بدلوهم لإيجاد حلول لمواجهة تداعيات هذه الأزمة المالية ومدلولاتها القادمة بكل صدق وأمانة.
الصينيون قالوا: «تكسو الإبرة الآخرين وتبقى عريانة».
سيقولون: أزمة اقتصادية وركود اقتصادي وأسباب وتداعيات ونظريات وآراء وآثار ومؤشرات ومعايير وخصائص وسياسات وإجراءات وخطط وحوكمة وتوصيات، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول «اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم».
وإذا كنا من جيل المخضرمين، وقد ربينا ووجدنا بلدنا ينهض ويكبر والميزانيات واحدة تكفي المشروعات ولا تحتاج الى ميزانيات تكميلية، فعلينا اليوم ان نكفكف منابع الفساد وسرقة الأموال العامة، التي تؤخذ من حصص عيالنا وأحفادنا، وبات الكل متضررا «حيل»، ما لم نبادر بوقف حنفية الفساد والمفسدين. ولنتذكر أزمة المناخ!
ومضة 1
قال الشاعر عباس محمود العقاد:
لا تحسدن غنيا في تنعمه.. قد يكثر المال مقرونا به الكدر
تصفو العيون إذا قلت مواردها.. والماء عند ازدياد النيل يعتكر
يقول الشاعر عباس بن الأحنف:
عرفت بما جربت أشياء جمة.. ولا يعرف الأشياء إلا المجرب
ومضة 2
علينا ملاحظة حركة السفر في فئة الكويتيين، إن قلت فالرسالة وصلت وإن زادت في العطل القادمة فسيتأكد كلامي: «الكويتي حافي»، وسفريات كثير من العائلات قروض وأقساط.. اسألوا مكاتب السفريات والبنوك.
لكن في حقيقة الأمر الكويتي له ثقافة وفلسفة ومكابرة، فهو نزهي، سياحي يحب الوناسة، ولا يعمل إلا لوقته، دونما اكتراث بالقادم من أزمات مالية واقتصادية، وهذه طامة كبرى علينا مواجهتها على وجه السرعة بالتوعية من أخطار الركود الاقتصادي وتدني أسعار النفط، والحل كله يكمن في الحلول الحكومية العاجلة الواقعية التشاركية.
آخر الكلام
قال الشاعر إيليا أبوماضي:
قل لمن يبصر الضباب كثيفا.. إن تحت الضباب فجرا نقيا
لايزال مصدرنا بيع النفط في حين بدأت دبي بإيجاد البدائل في السياحة والطاقة الشمسية، أليس هذا هو التحدي؟ خلونا نفكر في مصادر بديلة للبترول، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، الحين تأخذون من اللحم الحي، باچر شنو؟!
والله لست اقتصاديا، لكنني مواطن حريص على وطني وشعبي، وآمل أن أرى سيناريوهات مستقبلية لهذه الأزمة والتي أدعو الله عز وجل أن تكون طارئة، وقالها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه: لا ثروة كالعقل ويبقى الرجاء: (.. لا تقنطوا من رحمة الله ـ الزمر: 53).
الله يا كويت مهما حچينا وتبقين ثروتنا الحقيقية في فلوس ما في فلوس نحبك بترابك وأرضك وسمائك.
والهمسة الأخيرة للجميع، ترى الكويتيين الزموا أنفسهم بالصرف الزائد عن طاقتهم، تعالوا عدوا معي: (الكماليات - مكياج وعطور و... و... و - الدروس الخصوصية - المطاعم - العلاج في المستشفيات الخاصة لأن المستشفيات الحكومية غصت بالوافدين - الخدم والأموال المهدرة عليهم - السيارات الفارهة - الترفيه بأنواعه، إلخ..)، والله حفاي (طرق المعاش) وما عليكم من المظاهر الكاذبة الأخرى، تراه والله حافي وبطران وينطر معاش الحكومة آخر الشهر.