[email protected]
|
الفقيد يوسف الضاعن في صورة ارشيفية مع محمد الضاعن وسلمان الحقان والزميل يوسف عبدالرحمن خلال حضوره عرس جاسم الضاعن |
وداعاً...
كنت أتوقع أن تودعني.. لا أن أودعك
حياتك عامرة بالخير والذكريات..
عشرتي معك علمتني معادن الرجال وأنت منهم بلا منازع أبا نواف «الفقيدة».
|
خالد الشميس ويوسف الضاعن في مشروع الأضاحي بمنطقة أبوالحصانية |
|
يوسف الضاعن مع مهند يوسف الذي يشرف على مشروع الأضاحي 2015 |
ودّعت الديرة أمس الثلاثاء الحزين العم يوسف محمد مبارك الضاعن الذي غيّبه الموت عن عمر يناهز الـ 71 عاما بعد حياة حافلة بالعطاء في مختلف جوانب الحياة، حيث كرّس حياته لخدمة وطنه وأسرته ووظف مكانته لخدمة مواطنيه الذين أحبوه والتصقوا به.
والعم يوسف محمد مبارك الضاعن - أبونواف - رحمه الله من الجيل المخضرم الذين ساهموا في بناء الكويت، وقد ولد عام 1945م بمنطقة المرقاب ويعود نسبه إلى جوده في المملكة العربية السعودية، وقد عمل في بداية حياته الوظيفية في بلدية الكويت، وبعد تقاعده عمل في جهاز الأمن الوطني، وقضى معظم حياته العامرة بالعطاء والخير لخدمة قاصديه من الفقراء والضعفاء والمعوزين وكان عاشقا لنادي القادسية ومن رواده الأوائل.
توفي عصر يوم الاثنين 16 من شعبان 1437هـ الموافق 23 مايو 2016م في بيته بمنطقة بيان ونقل بالإسعاف الى مستشفى مبارك وهناك تم تأكيد الوفاة، ولا راد لقضاء الله وحان الأجل المحتوم ليرحل ويترك لنا نسلا مباركا من الأولاد والبنات الذين سيفقدون ذاك الدفء الأبوي الحنون من كبيرهم وكبير عائلة الضاعن الممتدة في الكويت وخارجها.
كنت في جريدة «الأنباء» وتلقيت اتصالا من ابنه الأكبر نواف يوسف الضاعن وإذا بصوت باكٍ يقول لي: عمي بومهند أبوي عطاك عمره، وسادت فترة سكون حتى توازنت وحمدت الله وقلت له: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، أنا قادم لكم ولا أعرف كيف وصلت كنت سارحا معظم الوقت بفقدان هذا الركن العائلي العزيز على قلبي والغالي على الجميع الصغار قبل الكبار.
في مستشفى مبارك كان جمع من أبناء العم في حالة ذهول ومن يعرف (أبا نواف) يعرف أنه (الطيبة والحبابة)، إنسان لم يضر أحدا ويسعى دائما في قضاء حوائج الناس جامعا لأسرته، ساعيا لنصرة المظلوم، ولو سألت أي إنسان عرفه لكان جوابه والله ونعم ومن عاشروه وعرفوه وعلموا بوفاته هرعوا إلى المقبرة وأيضا سيصلون الديوان للعزاء حسب اوقاتهم.
لم أفقد بموته اليوم عما ونسبا ورحما فقط، وإنما ذاك الصوت الذي يأتيني كل ظهر يسأل عن والدتي وإخواني وأبنائي وأحفادي، وأمازحه أبا نواف: أنا الذي يجب أن أتصل بك انك تحرجني، فيضحك ويقول شسوي أحبك بومهند وأنت بعد مو مقصر دايما تسأل عن كل الضاعن بالاسم وأتذكر انني في عام 2008 شاورته بأنني سأزور العم المرحوم بإذن الله «ضاعنه جوده» بالبحرين شجعني وبالفعل ذهبت إلى ديوان العم سعد بن سيف الضاعن، رحمه الله، وكان معي نجلي احمد الله يرحمه، وكان العم بوعبدالله ـ سعد بن سيف الضاعن ـ اخجلني بكرمه وحرصه على حضور جميع أبنائه وأحفاده ماعدا نجله خالد الذي يعمل في إدارة الجمارك ونجله صالح المتواجد في دولة قطر حينذاك ولن انسى حفاوة ابني فيصل بن علي الضاعن، وكان العم يوسف الضاعن معنا على اتصال بالهاتف الثابت فرحا باللقاء لأنه يمثله وبمشورته.
مساء الاثنين ذهبنا الى مقبرة الصليبخات لغسله وتجهيزه لدفنه صباحا لإكرامه وتطبيق السنة باستعجال دفن الميت وتجمع عدد كبير من أرحامه من حوله، وكنت كلما رأيت همة أخي بوجاسم - محمد الضاعن - وهو المريض ـ تماسكت وهو يعزيني وأنا أعزيه بأغلى الأحباب الذي رحل دون وداع سوى تلك الابتسامة التي لا تفارق محياه ورأيتها بالأمس على وجهه الباسم المتصالح مع النفس في الرضا بقضاء الله وقدره.
وأنا أركب الإسعاف مع ابني أحمد يوسف الضاعن - نجله الأوسط - التفت إلى السائق وقلت له: السلام عليكم، ما اسمك؟ فقال: وعليكم السلام، أسامة.
ونحن نسير ببطء قلت: يا أسامة اليوم ما في إلا جنازة عمي يوسف الضاعن - رحمه الله؟ فقال: والله الموت كثر والمعدل ارتفع كثيرا، أحيانا نصل الى أكثر من 12 جنازة، يكفي أن تعرف أنه في عام 2014 توفي 2014، سبحان الله نفس الرقم وفي 2015 (2076 وفاة) والدايم الله، والله يرحم الجميع يرحم الأموات ويحفظ الأحياء، ومن لم يتعظ بالموت فلن يتعظ أبدا.
شريط من الصور دار في ذاكرتي مع هذا العم القريب من النفس والروح والوجدان، تذكرته وهو يحكي لي خوفه على زوجته وأولاده وبناته عندما جاء الاحتلال الصدامي للكويت في الثاني من أغسطس وكيف صمد فترة طويلة ثم لجأ الى الشارقة وكيف سار في المسيرات المطالبة بعودة الشرعية، وهذا ليس بالغريب على فكر العم يوسف الضاعن - رحمه الله - فهو حتى في مجالسنا العائلية كان يحدثنا عن أهمية طاعة أولي الأمر وضرورة وضع مصلحة الكويت فوق أي اعتبار، هكذا هو «أبونواف» فارس حقيقي من فرسان الضاعن بطول قامته الوطنية وحبه للكويت، ولن انسى في العام الماضي عندما ودعته للحج اوصيته على مهند لأنه مسؤول مشروع الأضاحي في مسجد هيا الابراهيم فما كان منه الا وحضر صباح العيد وجلس مع مهند حتى الانتهاء من الذبح وتوزيع الأضاحي، هذا هو فعله الخيري دائما.
مسيرة عطاء العم يوسف محمد مبارك الضاعن - رحمه الله - أكبر من أن تحصى لأدواره وشخصه فهو وطني منحاز للكويت ومصلحتها العليا دائما، أب حنون ليس فقط لأسرته الصغيرة وإنما شمل بحبه وعطفه كل أفراد أسرته بمن فيهم أهلنا في السعودية ومملكة البحرين، وبعد أن تلقينا العزاء به في المقبرة، جالت عيناي بالمتجمعين فردا فردا، فوجدتهم كلهم في حالة من الذهول لحجم المصاب، ولن أنسى ما حييت نظرة ابنه الأصغر الشاردة الحائرة محمد حتى احتضنته وقلت: أنت واخوانك عيالي، هكذا يا ابني الدنيا الكل راحل.
ومضة:
عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه».
نحمد الله أن جنازته مشى فيها العشرات ولله المنة والفضل، وهذا أيضا من علامات القبول.
آخر الكلام:
أيها القراء الكرام في كل مكان، أدعوكم الى أن تؤمنوا فإنني داع له، اللهم اغفر وارحم واعف عن عبدك ابن أمتك يوسف محمد مبارك الضاعن، أكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار، وتوفه على ملة الإسلام، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده.
رحل عنا عمنا طيب الصيت (أبونواف) وهذه تعزية باسم آل ضاعن في الكويت والسعودية والبحرين ومن كل محبيه الذين ترحموا عليه ويا رب توافق ساعة قبول، فلا تبخلوا عليه بالدعاء، جزاكم الله خيرا فإنه كان على الدوام عائدا للمرضى معزيا في الموتى.
سلام عليك أيها الراحل الكبير بيننا، والكبير قبلنا، والكبير دائما في عيوننا، سلام عليك في تاريخك المجيد، وسلام عليك في غيبوبة الموت والموت حق وفي رقاب العباد.
ربح البيع يا أبا نواف، ورحم الله عمي وأخي وصديقي وحبيبي المرحوم بإذن الله يوسف محمد مبارك الضاعن، رب اجعل قبره روضة من رياض الجنة ومنزلته الفردوس الأعلى من الجنة، وإنا لفراقك لمحزونون يا يوسف.
رحلت عن الدنيا الفانية الى الدار الباقية، سائلين الله عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويلهم اهله وجيرانه وأصدقاءه وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.