[email protected]
هو صاحب مسيرة مضيئة وحافلة بالإنجازات.. كشعراء الكويت الكبار، وهو منارة شعرية كبيرة من أهل الكويت المؤسسين الذين تركوا أعمالا راسخة تخلد ذكراهم، لكننا نعتب على من غيب هؤلاء العظام والقامات من المناهج والمقررات!
إنه شاعرنا الكبير الذي رحل في عام 2014 العم سليمان الجارالله، طيب الله ثراه ومثواه، وآن الأوان ان تعرض هذه المنارات الصحافية على هذا الجيل الجديد، وانني أثق تماما بأن معالي وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود ووزير التربية ووزير التعليم العالي د.محمد الفارس سيوليان قضية نشر تاريخ الشعراء والأدباء والرموز في وسائلنا الإعلامية أو مناهجنا ومقرراتنا الدراسية اهتماما كبيرا لأن الأمة المتحضرة تحفظ تاريخها المجيد.
اعتكفتُ بالإجازة الأسبوعية الماضية على قراءة «خمسة مجلدات» للعم سليمان الجارالله، وهي مجموعة الأعمال الشعرية الكاملة لتاريخه الثري في كتابة الشعر الوطني والإسلامي تاركا مآثر قيمة وجدتها في القصائد التي كونت هذا العقد الفريد من الشعر الفصيح وحسب القوافي من الألف إلى الياء، وهذه مقدرة أخرى للشاعر، وأنتهز هذه الفرصة لأشكر نجله بدر سليمان الجارالله على إهدائي هذه المجموعة القيمة من إصداراته، والشكر موصول للعم عبدالعزيز سعود البابطين الذي قدم الاصدار، وكعادته أبا سعود «أعطيت القوس باريها» كان رائعا في تقديم الكتاب حيث جمع ما بين العبارة الجزلة والتقديم الرائع للمحتوى وإنعاش الذاكرة في كل مراحلها وعرضه لأشعار الجارالله كأفضل مسوق يجعل القارئ يتلهف على قراءتها مع اجادة القول والعبارة والتقديم.
ومضة: يقول عبدالعزيز سعود البابطين:
غاب الكبير وشاءت الأقدار
ألا تدوم بليلنا الأنوار
هكذا يصفه بـ «الكبير الذي غاب»، وقد صدق.
وفي موضع آخر يقول:
يا غائبا يشتاقه أهل النهى
ويلفهم بغيابه الإعصار
ثم يعرج على مكانته الأدبية والشعرية قائلا:
ورحلت عنا بعد ما أغنيتنا
بقصاصة نعمت بها الأفكار
ثم يخاطبه مواصلا:
حياك يا صنو المروءات الألى
رادُوا حماك وفي طريقك ساروا
ثم يختمها قائلا:
جاورت ربك يا سليمان التقى
في جنة الخلد سكانها الاطهار
سيدوم ذكرك وارفا بين الورى
والليل ليل والنهار نهار
آخر الكلام: اعلم ان هناك الكثير من أبناء الكويت المثقفين سيفاجأون بهذا «الشاعر العلم» الذي صاغ أجمل القصائد، وانني هنا أشكر كلية الآداب ممثلة بالدكتور د.عبدالله الغزالي لإقامتها مهرجان «ربيع الشعر العربي» في عام 2016، والذي اختتمت فعالياته بندوة تناولت قصائده وإلقاء الضوء على جزء مضيء من تاريخ هذه المنارة الشعرية الكويتية. وقد حضر نائب وزير الخارجية خالد سليمان الجارالله ابن الشاعر الراحل، وألقى كلمة أشاد فيها بجهود مؤسسة عبدالعزيز البابطين ودورها في إصدار دواوين والده.
له قصيدة طويلة جميلة بعنوان «عودوا إلى الدين الحنيف»، اخترت لكم منها ما يوضح كينونته كمحافظ على الدين يقول:
يا قوم من رام الحياة كريمة
فليسع للإسلام سعي موحد
عودوا إلى الدين الحنيف وهديه
وتمسكوا فيه لنيل المقصد
واحموا حمى الإسلام كيما تظفروا
بالفوز من رب البرية في غد
ويقول عن نفسه في قصيدة «صفاتي وعاداتي»:
أبت نفسي التعرض للدنايا
وتأبى ان تسيء وأن تساء
وصوني النفس عن قيل وقال
وتأبى لي كرامتي الرياء
لساني عف عن شتم وسب
وطبعي الصفح عمن لي أساء
وفي قصيدته «يا أيها المسؤول» يقول:
يا أيها المسؤول لا تكترث
وقابل الناس بصدر فسيح
فالناقد البناء في نقده
أفضل من شخص يكيل المديح
فربما جاوز في مدحه
وراح يستحسن فعل القبيح
قد يخطئ المخلص في فعله
وقلبه يصبو لفعل الصحيح
قصيدة قوري الحليب، توضح بجلاء أيضا كويتيته الأصيلة، فالكويت وأهلها عشاق لقوري الحليب، يقول:
وقوري الحليب علاه (هيل)
يفوح شذاه من فحم (الدُّويوي)
بعيد مموش يعلوه لحم
بـ (باذنجان) أسود مثل (كيوي)
بليل قارس وشديد برد
يطيب لقاء على نور (الزهيوي)*
* ويقصد بالزهيوي الفانوس.
زبدة الحچي: كتب العم سليمان ماجد الشاهين عن شاعرنا الذي تربطه علاقة صداقة ومودة، كتب في الزميلة «القبس» 26/ 1/ 2014 مقالا بعنوان «سليمان الجارالله.. شد الرحال ومضى»، واني أرى ان هذا المقال من أفضل ما كتب في حق شاعرنا الكبير مرهف المشاعر والذي يتنفس شعرا وينطق قافية، وسلاحه صدق الكلمة وعفة اللسان اللذان يبعدانه عن الجدل والهرج.
أيها المتداولون للمعلومات في مواقع التواصل الاجتماعي، هذا واحد من أبطال الكويت في الأدب والشعر، ليتكم تقرأون أشعاره، يقول عن أفضل الأسماك شوفوا «كويتية» العجيبة:
يا سائلي عن لذيذ الاكل تطعمه
اني لأنصح في اكل الصبورات
ما في طعامي من الاسماك ان ذكرت
سوى الصبور لذيذ الطعم بالذات
«تسنيم» اسم قصيدة له (أكيد حفيدة) في الإصدار الخامس ولأنني أحب ابنتي تسنيم سأذكر مطلعها يقول:
(تسنيم) يا شمس النها
ر توهجا وسنا ونور
(تسنيم) يا نور الصبا
ح أشاع في الكون السرور
(تسنيم) يا من حسنها
يضفي على النفس الحبور
فيك الجمال مجسم
يا طلعة البدر المنير
وأنا أعد القارئ بأنني سأعرض كثيرا من أبياته في المقالات القادمة التي اكتبها في الومضات او الاستراحة. عرضت عليكم سيرة قامة كويتية شعرية نضيفها فخرا واعتزازا لما تقدم من شعراء كويتيين أماجد أخيار راحوا عند خالقهم نترحم عليهم وندعو لهم، نأمل أن نراهم في مناهجنا ومقرراتنا.. اللهم اجعل قبر العم سليمان الجارالله روضة من رياض الجنة ومنزلته في الفردوس الأعلى من الجنة..
اللهم آمين.