[email protected]
هو نقابي في أيام شبابه..
وهو مثقف أسبغ ثقافته على وظيفته..
وهو منارة ثقافية كويتية شامخة ليس فقط في أفكاره وإنما بالأثر الذي تركه في مكانه الوظيفي ومحيط حياته..
وهو اليوم أنموذج رائع لعطاء «الكويتي» وان تقاعد وابتعد للاسف.
انه ابن الزمن الجميل، تعلم على يد جيل العمالقة من أساتذته أمثال: عبدالعزيز حسين وحمد الرجيب وعبدالله العتيبي وعبدالله الأنصاري واحمد مشاري العدواني وعبدالرزاق البصير، وغيرهم كثير رحمهم الله جميعا.
انه ابن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب..
إنني اقدمه لهذا الجيل الواعد ليتعرفوا على واحد من رجالات الكويت الذين تقاعدوا في عز عطائهم وهو المحب لوظيفته وهو «العاشق والمعشوق»!
اكتب عنه اليوم وهو الغني عن هذه الكلمات، فلقد اعتلى مجد الوظيفة منذ اكثر من نصف قرن، وهو اليوم متقاعد ولا ينتظر الجزاء الا من رب العالمين فقط.
كنت وأنا اقرأ تصريحاته أشعر بأنه ادخلني نافذة التاريخ الثقافي الكويتي بأسلوبه الجميل ودماثة خلقه وحبابته وسعة اطلاعه ومعلوماته وكأنه بانوراما معلومات شاملة.
ومضة: حيوا معي ابن الكويت البار، الأخ الأستاذ عبدالهادي نافل العجمي، والذي قاد مرحلة من مراحل التنوير في بلدي الكويت بكل الهمة والإخلاص والوفاء والعشق، بدأ موظفا ثم مديرا لإدارة الشؤون الإدارية بالمجلس الوطني، ثم عين في العام 2001 بمرسوم أميري أمينا عاما مساعدا بقطاع الشؤون المالية والإدارية والخدمات، ولعب دورا مهما في تعزيز الثقافة العربية، وكان دائما من أنصار التراث الحضاري الاسلامي، واذا دخلت ديوانه في اشبيلية تشعر بأن الكويت بكل أطيافها عنده، وما تجمعت عنده إلا بطيب الملتقى والأثر.
آخر الكلام: «بونافل» رجل وطني نحسبه كذلك، ولا نزكي على الله أحدا، كان له دوره المؤثر في طرح الثقافة واستيعاب تيارات العصر، ومنها التيارات الكويتية، وكان دائما كالنوخذة الملم بأنواع البحور، ولعل ابرز مميزاته حرصه الدائم على إظهار هويته العربية وتمسكه بالديموقراطية والثقافة وحرية المبدعين، وكان على الدوام احد ابرز القيادات الكويتية التي عملت على سريان التدفق الثقافي العربي.
زبدة الحچي: خسارة تقاعد هذا القيادي الذي أراه لا يزال قادرا على العطاء الثقافي، وهو بحق مفخرة لبلده وأسرته، قال الشاعر:
إن فـــي الإنسان من فطـــرته
للثـرى شـيئا وشــيئا للثـــريا
نعم، هذا هو أستاذي ومن علمني «بو نافل» من أصحاب الهمة والقرار والمبادئ، وكان طوال عمره يعمل كما يقولون بقول الشاعر ايليا ابوماضي:
ما قيـــمة الإنســـان معتــــقدا
إن لم يقل للناس ما اعتقدا
في يوم قال لي (بونافل): لا يمكن لأي إنسان أن يصبح عالما بمعنى الكلمة من غير أن يصير قبل ذلك إنسانا بمعنى الكلمة!
اسألوا من عملوا معه ورافقوه وظيفيا..
اسألوا طلابه وتلامذته الذين تعلموا منه أصول الثقافة..
اسألوا جيرانه ورواد ديوانه في اشبيلية وأحبابه.. وأنا منهم، وسأظل افتخر بهذا القيادي من بلدي إنسانا وأستاذا وموجها ما عشت من اجلي.
قال الشاعر مطلق الثبيتي العتيبي:
الصدق والمعروف والطيب كيفه
ويغبش لها مع طلعة الفجر مغباش
هو واحد من أولئك الرجال العظام الذين تفخر بهم الكويت لأنهم تحملوا المسؤولية وهم في مرحلة مبكرة من أعمارهم وتركوا أثرا لا يمحوه الزمان وإن طال.