[email protected]
التواضع فضيلة إلهية ترفع مقام الإنسان أمام خالقه وأمام الناس جميعا، والتواضع لباس يتزين به صفوة الخلق من الأتقياء والمتواضعين، وتكون هذه الصفة جميلة جدا عندما تجيء من حاكم!
وفي أحد مساجد الكويت العامرة بالمصلين، وفي يوم جمعة شق طريقه «إنسان حادب على دينه يلبس التواضع سلوكا ومسلكا وليس تصنعا» ليجلس في الصفوف الأمامية مع خلق الله يقرأ القرآن، ولعله اختار سورة الكهف وجلس بجانبه مواطن كويتي وابنه ذو السنوات الأربع «يلبس الزي الوطني الغترة والعقال» ولعل منظر الطفل الكويتي باللباس الوطني جعل سموه يلتفت إليه ويدرك حاجته، وكان الأب والابن في حالة من الإصابة «بالرشح والكحة»، وهما بحاجة ماسة الى «ورق النظافة»، فما كان من «شيخنا المتواضع» إلا أن قام وتخطى المصلين الى الصف الأول وتناول «علبة كلينكس» ووضعها أمام «الأب وابنه»، وكم كانت نظرة الطفل إلى من قام بهذا الفضل نظرة تعلوها كلمة «شكرا.. شكرا.. شكرا» صامتة بالعيون لهذا المتفضل الذي أنقذ الموقف، وتنم عن تواضع جم عرف به «صاحبه»!
كنت والله أراقب الموقف، وتمنيت أن أصوره لكم لأنه كان لمحة مبادرة غاية في الجمال والتواضع والذوق والأبوة الحانية من حاكم لأبناء شعبه الأوفياء، ولا يريد من هذا مديحا، وفي عمله لا يخشى الملامة، يقول الله تعالى في محكم تنزيله: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، هذا التواضع الكبير فيه حظي بحب الشعب له ولأنجاله الكرام وسيظل هذا الحاكم يعطي شعبه من قلبه وروحه ولتطفو مثالياته على كل مثالية.
قمة هذا التواضع رأيته من سمو ولي العهد الأمين الشيخ نواف الأحمد الذي جعلني وغيري من المصلين الذين رأوا المنظر العجيب يشكرون الله ويحمدونه على وجود «حكام» هذه مزاياهم ومعاملتهم مع شعبهم، وحكام الكويت على الدوام يشاركون الناس أفراحهم وأتراحهم، حلما وسخاء وتواضعا وحسن خلق.
ومضـة: تدنو من العظمة بقدر ما تدنو من التواضع.
في إحدى الجمع خرجنا عقب الصلاة، وكان معي أستاذنا الكبير محمد مساعد الصالح، رحمه الله، وبعد أن سلمنا على سمو ولي العهد الأمين الشيخ نواف الأحمد، أطال الله عمره في صحة، قال الأستاذ محمد الصالح موجها الكلام إلى سمو ولي العهد: أين الحراسات طال عمرك؟ ابتسم سموه بضحكته التفاؤلية المتصالحة مع النفس رافعا رأسه الى السماء، ما أروع الإجابة! اللهم احفظه من كل شر وسوء يا رب العالمين.
آخر الكلام:
نفخر والله بسمو ولي عهدنا الأمين، فهو رجل دولة، تعلم في مدارس مختلفة: الشيخ احمد الجابر، الشيخ عبدالله السالم، الشيخ صباح السالم، الشيخ جابر الأحمد، الشيخ سعد العبدالله، رحمهم الله جميعا، وجعل قبورهم روضة من رياض الجنة ومثواهم الفردوس الأعلى من الجنة، وسموه لايزال يتعلم من أمير الإنسانية صاحب القلب الكبير والدنا العود الشيخ صباح الأحمد، وهو عضيده المخلص الوفي، فليحفظهما الله لنا وللكويت.
زبدة الحچي: يقولون ان اسم «نواف» هو المكان المرتفع من كل شيء، كثير الشموخ، المتفوق على ما دونه، وهو كذلك بتواضعه.
قال الشاعر:
إن الامانة ثقل ليس يحمله
إلا وفيّ كبير القلب إنسان
نعم.. في الجمع شاهدت إنسانيته وطيبته وتواضعه وعلو همته، ولأنه بالشكر تدوم النعم أقولها له في عيد سموه: لا يشكر الله من لا يشكر الناس، واذا قصرت يداك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر، لذا نقولها لسموك: بوركت وعلمتنا في هذه المواقف أن هذا أولا وأخيرا لله، لأنك موجود في حياتنا مثالا للتواضع، فمن الشكر في هذا المقام أن نقول: الحمد لله رب العالمين على نعمة وجود سمو ولي العهد الأمين الشيخ نواف الأحمد، الإنسان، المتواضع، الذي علمنا درسا عمليا في كيفية العلاقة بين الحاكم والمحكوم بشفافية مطلقة، وتحية إلى هذا الرجل والحاكم في عيده باعتباره فرعا من فروع الدوحة العظيمة التي يمثلها رمز الكويت مبارك الكبير، طيب الله ثراه ومثواه.
يبقى نواف الأحمد.. الإنسان والحاكم.
اللهم أطل لنا في عمره، وبارك لنا في عمله، اللهم آمين.