[email protected]
ليس هناك أجمل من «قرص الخبز الإيراني» الخارج من التنور، يقول أهل الكويت «محمش ومسمسم» وهو يُأكل «حاف» أو معه أجبان وحمص وبيض... الخ.
لو نظرنا إلى كثير من ثورات العالم القديم لوجدناها الخبز!
ولو تمعنا النظر في الثورات الحديثة ايضا فسنجد فيها جانبا ونصيبا لـ«الخبز»!
اذن لِم هذا السحر في الخبزة؟!
انها باختصار «قوت الفقراء» والحاكم الذي يقرب من هذه الخبزة ويمنعها أو يغليها برفع الأسعار انه في خطر داهم!
ثورة الخبز حصلت في البلدان العربية وفي عدة أماكن في العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر خذ مثلا ثورة الخبز في الأردن عام 1996، وفي الجزائر 1988، وفي فلسطين 1986، وفي مصر يناير 1977 إبان حكم الرئيس أنور السادات، واطلق عليها اسم انتفاضة الحرامية والجياع، ولكنها كانت انتفاضة الفقراء! وثورة الخبز في تونس 1984، وقبلها المغرب 1984.
اذن هناك ثورات عربية «شرارتها الخبزة!».
لا أحد يستطيع ان يقلل من انتفاضات الشعوب من أجل الخبزة ابدا!
الخطورة تتمثل في ردة الشارع والعوام في حال محاولة رفع أسعار الخبزة وهنا نقول «خط أحمر خطر»!
الانتفاضات الشعبية تبدأ صغيرة وسرعان ما تتحول إلى «كرة ثلج» والمصيبة هنا تكبر عندما تشارك كل الفئات فيها مثل الاتحادات العمالية والطلبة والموظفين والعاطلين عن العمل، الكل تجمعهم السيدة «خبزة»! يرفقها هتاف: «عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية»!
ويمكن لهذه الخبزة ان تأخذ في طريقها ضحايا لا تعد ولا تحصى وايضا يطير فيها وزراء!
في الفلبين طارت أكثر من وزارة بعد أزمات الأرز!
وفي الهند أكثر من ثورة عارمة من أجل لقمة من الأرز!
وفي أميركا اللاتينية وغيرها من البلدان الفقيرة المغيبة من الاعلام خاصة في افريقيا!
واليوم كلنا شاهد ماذا حصل في الشام.
والأزمة ما زالت تتفاقم خاصة في أوساط اللاجئين والمحاصرين ويأتيك الجواب «ما في خبز»!
نحن في الخليج العربي في نعمة لا يعلمها إلا الله تتطلب الحمد والشكر لوجود «الرز الهندي والباكستاني» وعلينا ان نعمل جاهدين على إعادة «زراعة القمح مثلما فعلت المملكة العربية السعودية» ليكون لنا سنداً في حال «الحروب»، لا سمح الله، والأزمات السياسية مع هذه الدول. والعقلاء اليوم في دولنا يطلبون تغييرا في عاداتنا الغذائية لمواجهة نقص الارز العالمي.
وبعض الشعوب تعتبر الخبزة هي «الحرية»!
ومضة: كفانا الله ثورة الجياع، وربي يجعلها قرية يأتيها رزقها من كل مكان «تحمد الله على هذه الارزاق».
لقد رأينا شعوباً ودولا تحولت الى براكين من الغضب، انها باختصار «الخبزة»!
والعبرة هنا ان نتعظ بمن عاشوا ثورة الجوع، وهي للحكام والمحكومين على حد سواء!
آخر الكلام: ان على الدول الواعية ان تقود شعوبها وهي حريصة كل الحرص على «الطبقة المتوسطة» فهم الرقم المذهل في التوازنات!
تذكرون ونحن على مقاعد الدراسة عندما قرأنا ان «ماري انطوانيت ملكة فرنسا» زوجة الملك لويس السادس عشر التي قالت قولتها المشهورة: «اذا لم يكن هناك خبز للفقراء.. دعهم يأكلون كعكا»!
هذه الملكة كانت متأثرة جدا بجمالها وذكائها وملذاتها من حفلات فاخرة في البلاط وممارسة الملذات وسباق الخيول والمقامرة، ولهذا كله كانت مكروهة جدا.. ثم جاءت هذه العبارة لتقتلها بوضعها في صفحات التاريخ بشكل مزر!
حتى انها خرجت من باريس في 20 يونيو 1791م متنكرة في عربة، لكن احد الوطنيين تعرّف عليها، وأعيدت الى باريس تحت الحراسة ثم تم اعدامها في 16 أكتوبر 1793م وقد رميت بالأوساخ من الغوغائيين وقصوا شعرها، وبهذا انتهى عصر الملكية في فرنسا.
وأعرض هذا للعظة والعبرة، ومن لا يستفد من التاريخ فهو جاهل!
زبدة الحچي: ان استقرار المجتمعات من ثبات واستقرار سعر الخبزة، وكل الأزمات التي مرت على وطننا العربي الكبير هي في حقيقتها أزمات اقتصادية خاصة بوجود «الأحزاب»، وهي المسبب دائما في إشعال فتيل الجياع رغم ادعائها الدائم انها منهم!
ما زلت أذكر في ذاكرتي بقايا قصيدة طويلة أذكر منها ابياتا لأبي العتاهية، رحمه الله، يقول فيها:
رغيف خبز يابس
تأكله في زاوية
وكوز ماء بارد
تشربه من صافية
وغرفــة ضيقـــة
نفسك فيها خالية
فهـــذه وصيتـــي
مخبرة بحاليه
طوبى لمن يسمعها
تلك لعمري كافية
فاسمع لنصح مشفق
يدعى ابا العتاهية
نحمد الله اننا في الكويت نلقى «سندويچة» بـ 100 فلس، وهذا ما نفخر به، لأن هذه التسعيرة إلزامية، وتحظى بمتابعة رسمية حتى يستطيع «الغني والفقير» مهما ارتفعت الاسعار ان يجد صمونة فلافل بـ 100 فلس!