[email protected]
سمعت بالموت الأصغر؟!
لا ما سمعت!.. تعال معي في جولة عن هذا الموضوع الحساس والحيوي:
قال الشاعر:
جعل الموت سنة في البرايا
ليس في الناس من سيبقى مخلد
نقضي في الحياة ثلث حياتنا ونحن مستغرقون في النوم، وهو يختلف من شخص إلى آخر، وتختلف حاجات الإنسان بأعماره المختلفة الى ساعات النوم، ومتوسطها 7 ساعات، وتبقى الحقيقة أن الجسم يحتاج الى النوم ليستعيد نشاطه وحيويته وأداءه بفاعلية، وقلة النوم تصيب الإنسان بالقلق والتوتر والاكتئاب أيضا.
وهناك ما يسمى «القيلولة»، وهي «النعاس اللذيذ»، وخاصة الظهر بعد تناول وجبة الغداء، وينصح الخبراء هنا بألا تزيد على 30 دقيقة كي لا يدخل الجسم في مرحلة النوم العميق، وهو ما نسميه «الموت الأصغر»! وهناك «النومة العادية» الطويلة وكل منهما لابد منه!
وعادة ما يصاحب قبيل القيلولة والموت الأصغر تثاؤب لارتفاع درجة الدماغ ونقص الأكسجين.
إن مراحل النوم تمر بأطوار عديدة منها حركة العين السريعة، ثم حركة العين غير السريعة، ثم الاسترخاء والدخول لربما في الأحلام.
إن المبالغة في عدد ساعات النوم مضرة للصحة، ولها عواقب وخيمة مثل: الأزمة القلبية، أو الخرف المبكر «الزهايمر»، وتشير الدراسات الى أن النوم يختلف من الرجال عن النساء بعمق النوم والشخير، ووفقا للدراسات يظهر قلق النساء في حال وجود أحد ينام بجانبهن!
وبالمقابل أظهرت الدراسة أن الرجال ينامون بعمق أكثر عندما تنام شريكات حياتهم بجانبهم! ولا أدري ولا أعرف حقيقة الدراسات الكويتية الخاصة في «نومة الحمائم والنسور»!
وأظهرت الدراسات أن طوكيو هي المدينة الأقل نوما في العالم والأكثر صناعة وإنتاجا من دون كل شعوب العالم! فمتوسط نوم الإنسان الياباني 5 ساعات و44 دقيقة، بينما معدل ساعات النوم لدى الألمان 6 ساعات و49 دقيقة.
قال الشاعر:
في جراحي ماء الوجود
وفي أحرف الحياة حياتي
ومضة: هل تخرج الروح من الإنسان وهو نائم؟
جاءت الأدلة الصريحة في الكتاب والسنّة الصحيحة والأديان السماوية المتفق عليها أن الروح تقبض عند النوم، وأن النوم صورة من صور الوفاة، مصداقا للآيات، وأذكر بعضها على سبيل الاستشهاد، قال تعالى: (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار- الأنعام: 60). وقوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون- الزمر: 42). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها حين شاء» رواه البخاري.
قال الشاعر:
وقد فارق الناس الأحبة قبلنا
وأعيا دواء الموت كل طبيب
آخر الكلام: الموتة الصغرى «النوم» قد يأتيك الأجل فيها في الصباح أو المساء في طرفة عين، فهل «استعددت» لهذه اللحظة أم أنت غافل من الغافلين ومعرض عن العبر والعظات مع المعرضين؟!
النوم والقيلولة نعمة من نعم الله علينا نمارسها في حياتنا، جعلها الله «رحمة» بعباده لترتاح أبدانهم وتسكن جوارحهم وتهدأ نفوسهم.
غير ان هناك «نومة غير مستحبة عند الحكومة والنواب والوزراء» نرجو ألا تطول لأنها تسمى- أحيانا- «نومة أهل الكهف»!
علموا أولادكم ومن معكم في الحياة: لماذا ننام؟ وماذا يحدث لنا في المنام؟ وما أهمية النوم للإنسان؟
بمعنى آخر، الدنيا فيها جهد يبذل ونومة عابرة، لكن الشخير غير مستحب!
النوم آية من آيات الله العظمى، وهناك دلالات عظمى على أهمية هذا النوم «الحالة الفسيولوجية» التي تتكرر كل يوم على مدار الحياة، وتوقف الإحساسات وقوة التحريك والتحرك عن العطاء والحركة ثم رجوع الحواس بعد أن يتخلص الجسم من كل النواتج الضارة عن طريق انحلالها وتأكسدها، وهي المواد المسماة «بروتوجين» التي تتجمع في حالة اليقظة ثم تجلب لنا النوم، هذا هو خلق الله، فأروني ماذا صنعتم يا بني البشر؟!
قال تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا- آل عمران: 145).
زبدة الحچي: الله عز وجل جعل لنا الليل لباسا والنهار معاشا، وإذا انتظمت في نومك «أبشر» بسكون جوارحك وحواسك وزوال كل أعراض التعب والإعياء، ويتخلص جسمك من السموم المتراكمة، وتبنى لك أنسجة جديدة بدل التالفة، ويزول القلق والتوتر والاضطراب، ويزداد إفراز الهرمونات. النوم «نعمة النعم»، وفي النوم تتحرر «الروح» من عالم المحسوسات الى عالم الملائكة والملكوت!
نتمنى وفي التمني شقاء
وننادي يا ليت كانوا وكنا
القراء الكرام، توبوا الى الله، وقللوا من كثرة الطعام والنوم ولا تناموا إلا عندما يغلبكم النوم، واذا كان عندك واحد يشخر «حركه» بلطف أو اهرب الى اقرب مكان تنعم فيه بهدوء دون ضجيج، في ناس وايد في الدنيا ما يحبون اصوات القطارات!
وهناك من بيننا من يقيمون الليل ولا ينامون إلا قليلا.. هم الفائزون!
هؤلاء هم الفائزون في الدنيا والآخرة.. اللهم اجعلنا منهم وبلا شخير!
ويبقى القول بكل شفافية: ان «الحب والعشق والمال» هم أكبر «مُطير» للنوم! وأهل «الرضا» قليل!
وهذه حقيقة واسألوا العشاق والنفوس التي تحب المال حبا جما!
ويبقى السؤال: من الفائزون؟
ومن ينام نوم الدببة؟ ولا هو سائل؟!
تكفون لا تقولون لي البشر! إنما الجالسون على الأرائك حالمون!
قال الشاعر الجواهري- رحمه الله ـ في قصيدته «تنويمة الجياع»:
نامي جياع الشعب نامي
حرستك آلهة الطعام
نامي فإن لم تشبعي
من يقظة فمن المنام
نامي على زبد الوعود
يُداف في عسل الكلام
نامي إليك تحيتي
وعليك: نائمة سلامي
أمة نيام.. نيام.. نيام.. سلام!