[email protected]
لله ما أعطى ولله ما أخذ.. سافر تاركا وراءه كل شيء: المحبة ووداعة طفل وطموح شاب!
الموت حق في رقاب العباد، وتعجز الكلمات عن وصف حال المكلوم وقت قوع المصيبة وتصدر هادم اللذات المشهد!
الحزن ضيف ثقيل على الموجوع، فبئس الصاحب الحزن والهم اذا صاحبك بفقدان عزيز، يومها يذهب توهج الحياة ويتحول اللون الأخضر إلى أسود دام، تضيق النفس وتعلو الوجه جهامة من السواد والمرارة لا أحد يستطيع وصفها.
الموت الفجأة صعب جدا على الإنسان!
فما بالك ان كان ضنىً ولدا أو بنتا، وهي «صدمة عمرك» لحظات صعبة «صحيح انها فترة محدودة لكنها قمة في الألم»!
بالامس «رحل رينو» شاب في سن الـ 14 عاما، غادرنا (برضاه و«رأفته») دونما سابق إنذار!
استدعاه خالقه ربما رحمة به من قادمات الأيام، رحل تاركا هذه الدنيا ليعيش في كنف ربه بدأت المأساة الدرامية يوم الثلاثاء الدامي 14 مارس 2017 رجع من المدرسة في الساعة 11 ظهرا وأخذ «دوشا» وكأنه يتطهر لأجله وخطرت له فكرة ان يكتب اسمه واسم اخيه «رافي» على الشباك ولم يخطر بباله أبدا انه بهذه الطفولية العفوية ينهي حياته سقوطا من الدور الرابع ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكل أجل كتاب!
قال تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا.. آل عمران 145)، بالامس تقاطرت أسرة «الأنباء» على شقة زميلتنا «رضا صادق» سكرتيرة قسم العلاقات العامة بالجريدة، ورضا هي بالفعل حبيبة من اسماها «العم صادق»، رحمه الله، فهي تمثل «الرضا» بكل وجوهه، وهي بمعنى اختاره وقبله رضا بالحياة والمعاش والاحوال، تعلو وجهها الطفولي «بسمة» دائما ربما عرفت الآن سر «مسحة الحزن» التي على محياها دائما! ورضي في القواميس ايضا «قبل الشيء عن طيب نفس والتوكل وقبول كل شيء».
ذهب رينو الى خالقه بعد ان استرد أمانته فيه وسيغادر جثمانه أرض الكويت التي «احبها واحبته» ليرقد في سلام في مقبرة عائلته في مصر محاطا بدعوات كل المؤمنين المحبين لهذه الأسرة الكريمة.
قال تعالى: (..وما تدري نفس بأي أرض تموت.. لقمان 34).
قبل شهرين جاء الى جريدة «الأنباء» بصحبة والدته رضا وجلست معه انا والأستاذ علي محمد مسؤول الموقع الالكتروني وكان قد نفذ «فلاشا» مقطع فيديو للحث على فعل الخير واعجبنا نمط تفكيره المبكر، ولعل في هذا دليل على خيريته وقربه من خالقه، وترك لي حزنا يزين صورته التي لم تفارق مخيلتي منذ الامس.
قال تعالى: (..فاذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.. النحل 61).
ومضة: الصمت في مثل هذه «الحالة» ربما يكون أبلغ، لأن «الموت وتبعاته» صعب جدا في البداية، ويعرف سطوري من جرب الفقد، لكن البشرى أن الأيام تساعد الحزين على ان يتدرج في حزنه حتى يسلو، «هكذا هي الحياة» في الفقدان وطغيان الشعور بالألم.
قال الشاعر:
ما أصعب العمر يا ربي وأقساه
تمشي مع العمر أحلاه وأدماهُ
بالأمس خرجت من شقة الاستاذ رأفت ورضا، وكان نحيب رضا لا يزال عالقا في مسمعي، هي تطلب «معجزة إلهية تعيد رينو» وهي تعلم جيدا انه عند القدير الرحيم مالك الملك، لكنها زفرة أم حارة تمني فيها النفس وهي منخرطة في بكاء هستيري غير مصدقة لما يحدث «وهنا ادعوكم جميعا للدعاء لهذه الأسرة المنكوبة» لأنهم الآن في حال تذكر المواقف ومرحلة الاحساس بفقدان الميت والشوق إلى لقائه وفي بعض الاحيان شعور بالمسؤولية والذنب والتقصير في حق الميت «يا ليتنا فعلنا كذا وكذا»، والأجمل ان نقول: وسلام عليك يوم تبعث حيا.
آخر الكلام: ان على الجميع معرفة حقيقة واقعة وهي اننا معرضون للموت في أي لحظة، وفي أي عزيز لدينا، وعلينا التسليم بان اقدار الله المؤلمة لا يصلح معها إلا الصبر والتسليم والاحتساب!
قال الشاعر:
جزى الله الموت خيرا فانه
أبرُ بنا من كل برٍّ وأرأفُ
يعجل تخليص النفوس من الأذى
ويدني من الدار التي هي أشرفُ
زبدة الحچي: نحن أسرة «الأنباء» من الاستاذ رئيس التحرير إلى أصغر موظف في الشركة نعزي «رضا» زميلتنا وأسرتها في الكويت ومصر.
ونقول ما قاله الله تعالى: (..لله الامر من قبل ومن بعد.. الروم 4).
مشهد لن يغيب عن بالي ابدا، وسيظل معي ومع الاخرين، ولا نقول إلا ما تعلمناه في هذه المواقف الصعبة، إنا لله وإنا إليه راجعون.. وذهب رينو.. برضاه - إلى خالقه وهو ارحم منا جميعا بعبده!
وتبقى زميلتنا رضا مثالا «للرضا» بقدر الله، وهل تملك غير هذا؟!.. ادعو لها بالصبر والثبات، والذكريات دائما تمر كشريط في الحياة والعلاقة «دائما» أقصر من الحلم!
كما تشاء إلهي.. كلنا نعم.. لما تقول.. وقول الحق نرضاه!
رحيلك يا رينو آلمنا جميعا وملأ قلوبنا حزنا وعيوننا بدمعة الوداع.