[email protected]
زرت عين عذاري في البحرين في عزها اكثر من مرة، وهي بحيرة مكشوفة تحيط بها مستنقعات، وهي من اكبر العيون الطبيعية في البحرين من حيث الاتساع والعمق، والاعتقاد السائد عن تاريخها لدى الناس والمؤرخين انها حفرت في العهد الاموي عندما كانت البحرين تابعة للدولة الاموية، لكن لا توجد مصادر تاريخية محكمة تعزز هذا الاعتقاد.
هناك اكثر من عين مثل «عين قصارى ـ عين ام الشعوم ـ عين الرحى ـ المهزة ـ عين الحكيم..».
طبعا هذه العين نُسجت حولها الكثير من الحكايات والسوالف وايضا الشخصيات الخرافية، ولنقل إلهام المحبين وناسجي الخيال الاسطوري التراثي القديم.
تقول الاسطورة انه في الزمان القديم كانت هناك بنت جميلة بل هي «جميلة الجميلات» ومن عذاري البحرين المسميات.
خرجت هذه «الجميلة العذراء» مع مربيتها للنزهة في الخلاء وبينما هما تتمشيان انشقت الارض وخرج فارس «جميل الطلعة» يمتطي جوادا بلون الفجر، وحاول هذا الفارس ان يراودها عن نفسها فأبت عليه ذلك، واخبرته انه لا يجوز ان تقدم على شيء من هذا القبيل، فهي مخطوبة لأخيها!
لكن الفارس الجميل لم يصدقها، وطلب ان تضرب الارض بقدمها وسيتفجر الماء من تحت قدميها ان كانت صادقة.
فلما فعلت ما امرها به الفارس الجميل انشقت الارض واندفع الماء غزيرا من قلبها فياضا حلوا سلسبيلا.
ومن هذا اليوم، تقول الاسطورة، سميت هذه العين بعين عذاري نسبة الى الفتاة الجميلة العذراء.
طبعا في السابق لم يكن يفصل هذه العين الطبيعية شيء عن البحر، طبعا (قبل انشاء منتزه عذاري).
هذه العين واحدة من مئات الينابيع العذبة التي كانت تنبع من قاع البحر حول جزيرة البحرين، وبفعل الزمن زحفت اليها اليابسة والتصحر.
ومضة: قال لي والدي ـ رحمه الله ـ انهم كثيرا ما كانوا يغوصون في بحر البحرين زمان الغوص والسفر في «قرب» يملؤونها من داخل البحر ماء حلوا، وربما اليوم مع التطور الحضاري تقطعت هذه المجاري والشرايين المائية بفعل الحفر والشوارع والبناء، وحسافة يا عين عذاري!
آخر الكلام: لقد سبحت انا والزميل حسن الصايغ والاخ محمد نعمان في هذه العين في العام 1972 وسكنا فندق دلمون او الخليج، وكان «دح الموج» على ساحل البحر، والآن تصله في 10 دقائق بالسيارة، وكلما شفت صلعة أبو بشار وأبو نعمان تذكرت صلعة عين عذاري الآن!
زبدة الحچي: اعتبر «عين عذاري» من اجمل معالم البحرين، وهي تحتاج الى «شركة اميركية في التسويق»، بحيث تدخلها وتخرج محملا بالتذكاريات، بمعنى يجب تنشيط محيطها بالمقاهي والمطاعم والمرافق الفسيحة الجميلة والخضرة واعادة زهو «النخلة البحرينية»، والتراث البحريني العتيچ.
عين عذاري مشروع سياحي كبير هي من نعم الله على اهل البحرين، وكلنا طبعا يذكر المثل الشعبي «عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب»، والمقصود بهذا المثل ان هذه العين لا تستفيد من مياهها البساتين والحقول المجاورة بقدر ما تستفيد منها البساتين البعيدة بسبب وقوعها في منطقة مرتفعة.
لكن المثل لو جيت تطبقه في الكويت راح تلقى عشرات الامثلة من الواقع تمثل عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب.
قال الشاعر:
المشكله لا صرت بالحال داري
وشلون يحرقني غلاك وتغلا
خلاص يكفينا كذا يا عذاري
خل التغلي قبل عنك أتخلا
تعال وما بي منك رد اعتباري
يكفي بشوفك كل هم يتجلا
يبقى السؤال: عين عذاري حقيقة أم اسطورة؟
فكروا معاي!