[email protected]
الإنسان أي إنسان لا يمكن أن يكون إنسانا إلا إذا توازن ورجع إلى الحق والتسامح وسما بنفسه عن الصغائر والانتقام.
الإنسان يولد باكيا، ويعيش شاكيا، ويكون إما مسالما أو مجرما، وعندما «يتحيون»- أي يصير حيوانا- يكون أسوأ من الحيوان، لأننا وجدنا ورأينا أن الحيوان المفترس يقتل ليأكل لا لينتقم ويتشفى!
هناك مثل صيني عجيب يقول: «إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمائة سنة فازرع إنسانا».
في مرحلة الشباب يندفع الإنسان في (البطش) والانتقام والتشفي، غير أنه مع تقدم العمر يتحول الإنسان إلى (مسالم) يغض الطرف عن الانتقام، ولكل قاعدة شواذ!
لهذا وجدنا في القول المأثور: يارب.. علمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن حب الانتقام هو مظهر للضعف.
بالمختصر المفيد: الانتقام ابن الحقد!
هناك نظرة فلسفية عندي مفادها أن الانتقام للإهانة إن حصلت يعني وضع نفسك في مستوى عدوك مع أن جوهر انتصارك في أن تغفر له، ما يعني إهانته وتفوقك عليه بالصفح لا الانتقام!
مع الأخذ بالاعتبار الآية الكريمة: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) - البقرة 194.
قال الشاعر:
فإن يكُ صدر هذا اليوم ولى
فإن غداً لناظره قريب
ومضة: «مسكين ابن آدم: مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة»، صدق أبو تراب رضي الله عنه الإمام علي بن أبي طالب.
آخر الكلام: إخواننا الأتراك سوقوا أحداث المجتمع التركي في مسلسل أسموه «الانتقام الحلو» وهل هناك انتقام حلو؟ اللهم إلا إذا كانت البطلات كرديات!
وكما قال الشاعر المتنبي:
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى
عدوا له ما من صداقته بُدّ
زبدة الحچي: أحيانا أضحك وأنا أتذكر مقولة لأستاذنا قاسم أمين: إذا استشارك عدوك فأخلص له النصيحة، لأنه باستشارتك قد خرج من عداوتك ودخل في مودتك.
ويقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من بالغ بالخصومة أثم.
ويقول الشاعر عمر أبوريشة:
لا يلام الذئب في عدوانه
إن يك الراعي عدو الغنم
والنصيحة الأخيرة لقارئي الكريم: سامح واحذف وراء ظهرك، وكما قال المتنبي:
ومن العداوة ما ينالك نفعه
ومن الصداقة ما يضر ويؤلم
نحن في الحياة معرضون لكل أنواع الأحقاد والانتقام وتذكروا كلمتي هذه: عدو عاقل أفضل بكثير من صديق جاهل.
قال تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) - الشورى: 43.
اعف وكفّ وسامح، ترى أخرتها «متر بنصف متر» في أقرب مقبرة.. سامحوا..