[email protected]
لم تكن العمة الغالية الطيبة الحبيبة طيبة ابراهيم عمر الملا خالة زوجتي وأخت عمتي فقط وإنما جارة عزيزة من جيراننا بمنطقة القادسية قطعة 4 ولها وأسرتها منزلة عالية جدا في نفسي، لكن في الموت نتذكر قوله تعالى:
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ـ آل عمران: 145).
«أُم عثمان» نوع فريد من النساء حياء وصبرا وحنانا وطيبة وسنعا، فهذه العمة الغالية لم أقابلها يوما إلا وأجدها ذاكرة لله، عز وجل، وكأنها تنتقي عباراتها مع خلق الله وهو أسلوب حياة شاهدته منها في بيت زوجتي أو في بيت أهلي عند زيارتها والدتي ـ أطال الله في عمرها، أو خالتي ـ رحمها الله، يقول الشاعر الفذ زيد الحرب:
ولا لقولك تود للموت شارات
سهم المنية ما ضربت به يصيبني
«أم عثمان» تعجز الكلمات عن وصفها لأدبها الجم، فأنت لا تكاد تسمع صوتها أبدا، وكما يقولون هناك إنسان عزيز عندما يتوفى يعود إليك شريط من الذكريات فكلما كان جميلا وإنسانا كان تأثرك بالغا بوفاته، وهكذا هي العمة طيبة التي كنت دائما أضعها في مقام عمتي لأنها وجه آخر لنفس العملة النادرة اليوم وكلتاهما الآن عند خالقهما وهو أرحم الراحمين، يقول شاعرنا الكبير العم منصور الخرقاوي:
طواني الهم والفرقا الشديدة
ذكرت اللي لهم عندي فقيدة
«أم عثمان».. عندما كنت أهم بالخروج من بيتنا بالقادسية صغيرا وشابا يافعا أجدها أحيانا مع العمة شيخة الحسينان تريدان زيارة والدتي ـ أطال الله عمرها، أو خالتي ـ رحمها الله ـ وجيران (قبل) غير الحين هم في حسبة الأهل يتشاوفون ويتزاورون، وهي حتى في أيامها الأخيرة التي رأيتها أو نقلت لي زوجتي سلامها لي ولأهلي، ما غيرت طبعها البالغ في السؤال عن القريب والبعيد وتذكر الكبير والصغير وصدق من سماها «طيبة» بكل ما لهذا الاسم من معنى! وانطفأت شمعتنا المضيئة طيبة متذكرين قوله تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ـ النحل: 61).
ومضة: رحم الله العمة الغالية العزيزة طيبة إبراهيم الملا التي أسعدتنا في حياتنا بأخلاقها وعلو همتها وطيبتها وكأنها ـ والله ـ كانت تمثل جيلا كاملا من الزمن الجميل، وكلما تذكرتها في زيارتها لنا في البر مع العم الغالي المرحوم بإذن الله سعد عبدالعزيز الحسينان (أبوعلي) طيب الله ثراه ومثواه.. هذا الجار والنسيب لا يقل عنها في الطيبة، أتذكره وأترحم عليه دائما فهو من الرعيل الأول الذي نعتز به وكلما دخلت منطقة القادسية قطعة (4) وشاهدت منزله دعوت له ولأهل بيته وحتى جيرانه (الحماد - القبندي - الحوطي - السبيعي - اتش - الشريم وآخرين يصعب حصرهم) وفعلا القادسية طيبة حيل بأهلها مثلها مثل مناطق الكويت الغالية علينا، قال الشاعر:
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه
سيبقى الحزن ما بقي الدهر
آخر الكلام: رحلت يا أم عثمان والكل يدعون لك الله، عز وجل، أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة ومنزلتك في الفردوس الأعلى من الجنة ومعك والدك ابراهيم الملا ووالدتك لولوة الملا وإخوتك: يوسف ومنصور ومريم ونوره ـ رحمهم الله أجمعين، وكل العزاء للعم: علي إبراهيم الملا - بوعمر وأنجاله وانجال يوسف ومنصور والعمة فاطمة (أم عبدالله) وشريفة (أم بدر) وكل عائلة الملا الكرام، والتعزية موصولة لإخواني أولادها الكرام عثمان وعبدالله وناصر وعدنان وجميع البنات والأحفاد، وتبقى الحقيقة الخالدة في قوله تعالى: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ـ الجمعة: 8).
زبدة الحچي: بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نرثي (عمة الجميع) طيبة ابراهيم عمر الملا التي ستذكرها الكويت كلها قاطبة وچبلة (ملعب صباها) ثم الفيحاء وخيطان والرابية وأخيرا العقيلة، مناطق لها من (طيبة) بصمة (طيبة) وعشرة وسيرة أزكى من المسك عند الناس لأنها كانت ـ والله ـ تزرع في الدنيا لتحصده في الآخرة، ولا نزكي على الله أحدا.
اتذكرها كبيرة اخوانهاواخواتها ذهبوا الىخالقهم الواحد تلو الآخر، توفي يوسف وتبعته مريم ثم منصور ونورة، والشهيد فوزي الملا (عمته) كانت مثال المرأة الصابرة المحتسبة لهذا هي ماما طيبة رحمها الله أم الطيب والطيبة.
كل العزاء للعوائل الكريمة: الحسينان والملا وكل العوائل المرتبطة بها، خاصة الخلف اهل زوجتي، فهي كالشجرة الظليلة في هذا المصاب الجلل.. رحمك الله يا أم عثمان فلقد كنت اسما على مسمى (طيبة).. وأنت كذلك وأكثر، أرجو من الجميع ألا يبخل على (عمتنا) بالدعاء فإنها تستاهله ويا مال الجنة يا أطيب خلق الله، ووداعا وفي ذمة الله يا طيبة الملا.. وتسقط ـ والله ـ عليها دمعات، ولعلها - ولا نزكي على الله احداً - الآن تختال في جنات عليين لأن أعمالها جليلة وعاملة بالكتاب والسنة، فكان هذا لها وفاء أو عرفانا وستبقى ذكراها عطرة عالقة في ذاكرتنا وقلوبنا ما حيينا، فإلى جنات الخلد بإذن الله ورحمته يا فقيدتنا الغالية (إنا لله وإنا إليه راجعون).
والعزاء موصول لكل موتى اهلنا الذين انحشرت بهم المقبرة في الصليبخات بالامس بجنائز عزيزة على أهلنا في الكويت الملا والشايع والإبراهيم والقبندي والعنزي، رحمهم الله جميعا.
موت الأحباب يذكرنا بالحقيقة الباقية دائما كلنا إلى موت فليتذكر أولو الألباب.