[email protected]
أصبح التصابي اليوم ظاهرة.. كيف ذلك؟
اذهب إلى الأسواق والمولات والكافيهات تضحك ملء شدقيك وأنت ترى رجالا ونساء كأنهم الأحافير المرسومة لكثرة محاولات تغيير خلق الله بمختلف العقاقير والملابس غير المناسبة للسن، وخذ مثلا هي شمطاء في السبعين وتلبس «السترچ»!.. ما يصير والله عيب! والمصيبة إذا لبست كعبا عاليا بطول متر!
أنا من دعاة أن يعيش الإنسان حياته، فالعمر عمر الروح وليس الجسد!
والثاني في آخر السبعين، نقبل بالصبغ، لكن كل هذه العمليات التجميلية لِمَ؟!.. سنة وسنتان وترجع أسوأ مما كنت! الهرم قادم!
زادت العملية تغيير في خلق الله - نفخ وتكبير وتصغير أجزاء من الجسم!!
بشر رجال ونساء همهم الآن ترميم الوجوه والأجساد!
من ينظر في الطائرات القادمة من إيران ولبنان وتايلند يجد معظم الركاب على أنوفهم «كلبس طبي» وكأنهم طيور النورس من الشاش الطبي!
تجاعيد الزمن من الصعب إزالتها بأدوية وعمليات، وهذه حقيقة يجب أن يدركها كل من يبحث عن الفتوة والشباب والنضارة، متجاوزين كل الحواجز الاجتماعية بتقليد أعمى! الشباب إن راح ما يعود!
الطريف في القضية أن المتصابي أو المتصابية يعيشان «الدور» ويلعبان بطولة «الفيلم» ويحاولان تجاوز أزماتهما النفسية.
سألت أحد الشيبان: عمي، لمَ كل هذا الصرف على التغيير؟!
فقال: أنا لا تهمني الفلوس بقدر ما تهمني النتيجة!
وقلت له: وما النتيجة يا سيدي؟
فقال: شباب! هذا أنا أمامك ما تشوف؟!
قلت: خووش عمي، باچر عندنا حملة خيرية لتوزيع المؤن الغذائية على العائلات المتعففة في بعض المناطق، ما رأيك أن تصحبني؟
نفض يده في وجهي قائلا: لا والله، ما أقدر ظهري وريولي أنا فيني دسك أكثر من كيلو ما أشيل، أخاف أن أصاب!
ضحكت قائلا: عمي يا زين الشباب، أشوفك على خير!
ومضة: هناك محظورات دينية تدخل في عمليات التجميل غير الضرورية، لن أتطرق إليها، تاركا هذا لأصحاب الشأن، لكنني أتكلم عن ظاهرة بدأت تكبر وتحتاج الى توعية مجتمعية، وعلينا أن نميز بين إظهار الشكل الحسن والتصابي! لك الحق في التزيُّن بس لا «تمصخها»!
آخر الكلام: أنا أعلم أن التصابي ظاهرة ليست خاصة بالكويت فحسب، وإنما بكل دول العالم وشعوبه، خاصة الشعوب المرفهة مثل دول الخليج وبعض الدول الآسيوية والأوروبية، وإنني أنصح كبار السن أمثالي من مغبة اتباع الإعلانات وأخذ الحيطة والحذر من إعلانات «بيع الوهم الجمالي»!
عش مراحل عمرك كلها على حد سواء، واستمتع، لكن لا تتصابى لأن بعض التصابي قد يكلفك غاليا! ويا شين السرج على البقر!
زبدة الحچي: ما تفعله شرائح معينة في المجتمع (مثل نجوم الفن والرسامين و.. و.. إلخ) هم يقومون بالتصابي لأن أدوارهم تحتم عليهم تخطي مرحلة تقدم العمر بإرجاعه من نقطة الصفر! طبعا وهذا مرده الخوف من ضياع الوهج والنجومية وضياع الأدوار! لكن الإنسان العادي لِمَ يتصنع ويتكلف؟! عش حياتك كما خلقك ربك، فلِمَ التزوير؟!
أزمة آخر العمر قادمة لكل من يعطيه الله مدة في العمر، فليتكيف معها وليعشها بحلوها ومرها، (صبغ) ماشي، لكن عمليات وتغيير وترميم (طالع كثيرا من النساء شفايف منفوخة وغمازات وتاتو حواجب وبلاوي زرق)!
كل مرحلة عمرية لها ميزاتها ومباهجها، وما تراه أمرا خاصا بالسلوك غير المناسب، وهي مشكلة نفسية أخرى.. قضية تستحق المناقشة في الميديا!
تبقى القضية أرزاق للأطباء والمستشفيات هنا وهناك!
ويليق بهذا المقام ما أبدعه شاعرنا الكبير بهاء الدين زهير في رائعته عن التصابي:
كم ذا التصاغُر والتصابي
غالَطتِ نَفْسَكِ في الحسابِ
لم يَبْقَ فيكِ بَقيّةٌ
إلّا التّعَلّلَ بالخِضَابِ
يا هذهِ ذهبَ الصبا
فإلى متى هذا التصابي؟!
ما أنتِ ممنْ يرتجى
لا في الخطوبِ ولا الخطابِ