[email protected]
في الزمن الجميل أواخر الستينيات وبداية السبعينيات كان التلفزيون عملة نادرة وغالية وكان شيئا عجيبا غريبا مختلفا ينقلك من عالم الواقع إلى عالم الخيال.
أتذكر أن «والدي» رحمه الله واعدنا بشراء تلفاز «طوّل» حتى وصلنا الى البيت وتم شراؤه من المعرض في شارع تونس وكان التلفزيون يحمل ماركة «اندريا» الأميركية وكيله في الكويت العم أسد عمادي، طيب الله ثراه ومثواه، وكان أهل الديرة في طابور لشراء هذا المنتج الجديد ويعمل بنظام «بال ـ وسيكام» ومن يملك هذا التلفزيون الفريج متكودين عنده في البيت شيء مبهر كأنه من عجائب الدنيا السبع!
كنا أطفالا نتحلق حوله العيون شاخصة والرقاب مشرئبة تنظر للأبيض والأسود نظرة تعجب ومتابعة دقيقة، تصوروا حتى العيون ما ترمش! واحنا وأهلنا مثل المسبهين!
وهذا ايضا ينطبق على اكثر البلدان العربية والإسلامية، كان دخول التلفاز بعد المذياع «نقلة حضارية» عظيمة مرئية ومشاهدة.
وأنا في جنوب الفلبين في القرى وجدت هذا المطعم الذي جمع أطفال القرية كي يشاهدوا مباراة بلدهم مع فريق آخر فكانت هذه اللقطة التي تمثل «حقبة تاريخية» جميلة سيطر فيها هذا الجهاز الساحر على ملايين البشر.
ذهب ذاك الزمن الجميل وصار الأطفال والشباب اليوم يملكون الأجهزة الذكية من لابتوب وآيباد وأجهزة النقال من الهواتف المختلفة التي تربطهم بالشبكة العنكبوتية ليتابعوا ما طاب لهم من أفلام وعروض ومواد إعلامية دونما رقيب أو حسيب.
رحم الله أيام التلفاز الأبيض والأسود فلقد عشنا أياما غاليات كانت فيها البراءة تطغى أمام هذه البلورة السحرية التي تسمرنا جلوسا أمامها حينا من الزمن الماضي، فماذا يخبئ لنا استشراف المستقبل!