[email protected]
قضيت وقتا ممتعا مع كتاب «في بلاد الانجليز»!
وبطل هذا الكتاب «استاذي» الذي تعلمت ونهلت من علمه وكتبه وايضا ما كان يكتبه في زاويته «النافذة الضبابية» في جريدة «السياسة»، فلقد كان «معلمي»، نهما في قراءته، مبدعا وسباقا في آرائه ومعارفه، ولكن «الموت» عاجله لتفقد الكويت واحدا من ابرز مثقفيها الأعلام،
وهذا الجهبذ صاحب توثيقات بعضها صدر باسمه والبعض ربما تم الاستيلاء عليه وصدر في وسائل مختلفة، لهذا أطالب بملاحقة ميراثه الأدبي!
بالامس قضيت ساعات مع كتابه الفريد القيم «في بلاد الانجليز» أُدخل المطبعة في عام 1992، ولكن مع الأسف لم ير النور الى ان أصر آل السعيدان الكرام الذين كانوا يحتفظون بنسخة من المقالات على تجميعها مرة اخرى وطباعتها في كتاب وهو نتاج عمل دؤوب قضى الأستاذ حمد السعيدان ـ رحمه الله ـ شطرا من عمره في بلاد الانجليز كأحد اعضاء السفارة الكويتية في لندن، وكان ـ رحمه الله ـ نشطا في الكتابة ويملك ناصية القلم، واستطاع من خلال زواياه في «النافذة الضبابية» ان يربط القارئ الكويتي والعربي مع بريطانيا، وهو مجموعة من الذكريات والمذكرات وانه بحق كتاب ممتع تستطيع ان تقضي معه اجازة عندما تكون مسافرا او في «الويك إند».
وان كان من شكر فهو للمؤرخ الباحث فرحان عبدالله احمد الفرحان وابني سامي حمد السعيدان وابنتي سامية حمد السعيدان على هذه الجهود التي اخرجت لنا هذا الكتاب القيم.
الكتاب قصة إصرار على الظهور، فلقد كان استاذنا المؤرخ حمد السعيدان ـ طيب الله ثراه ومثواه ـ ينوي إصداره في عام 1990، لكن الظروف التي مرت بها الكويت حالت دون صدوره بسبب الاحتلال العراقي الغاشم لدولتنا الحبيبة الكويت، وايضا لتدهور صحة استاذنا حمد السعيدان تم تأجيل طباعة هذا الكتاب، وبعد التحرير أمر سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله ـ رحمه الله ـ بطباعة جميع مخطوطات المؤرخ حمد السعيدان، ولكن مع الاسف فقدت في المطبعة، وبإصرار أنجاله ومحبيه خرج من رحم النسيان هذا المؤلَّف العظيم.
ومضة: رحيله المبكر في عز عطائه جعلتني أقول خسارة كبيرة المؤرخ حمد محمد السعيدان الذي اثرى المكتبة الكويتية بمؤلفات قيمة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
٭ الموسوعة الكويتية المختصرة ـ 3 أجزاء.
٭ العالم حقائق وأرقام.
٭ دليل شوارع الكويت.
٭ خريطة مدينة الكويت.
٭ تاريخ العلم الكويتي.
٭ كنت في شرق افريقيا.
وله عدد من الكتب أعلن عنها، ولا ادري حقيقة طبعت ام لا، ولعلنا نطالب الدولة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بضرورة اعادة النظر وفتح هذا الملف.
آخر الكلام: برحيل الكاتب الكويتي المؤرخ المبدع المتألق حمد محمد السعيدان خسرته الكويت والاعلام والصحافة على وجه الخصوص، حيث كان من اقوى الاقلام الكويتية اللامعة على الساحة الكويتية، وكان وجها من وجوه الثقافة والعلم والديبلوماسية، يقول الشاعر عدنان الشايجي في رثائه:
يا أيها «الحمد» الباكي أحبته
في أي قافية يا شعرُ أرثيه
مضى ووجه شعاع الشمس من شغف
يضيء فيه وجرح الأرض يدميه
مضى وفي قلبه للكون أغنية
وفي المآقي بقايا من أمانيه
عرفت فيك سجايا الصدق محتسبا
من الآباء سمو من تساميه
في جنة الخلد والأوفياء قد هتفت
أهلاً.. لفرحته فاضت مآقيه
زبدة الحچي: كتابه «في بلاد الانجليز» يحتاج الى مساحة اكبر من «الومضات»، فالراحل جبال وتلال من الومضات.
وتبقى الحقيقة: حمد محمد السعيدان، اسم لا يغيب عن الذاكرة الكويتية، فهو أحد أكبر صانعيها.