[email protected]
علمتني الحياة أن البسمة تخترق القلوب، لذا أنا أبتسم في كل صباح حق (خلف) الذي يصلي بجانبي وهو شاب في مقتبل العمر يرغب بسيارة لكزس وزوجة جميلة وغنية!
وسرحت طويلا في لحظات بكل الأمهات والآباء الذين فقدوا فلذات أكبادهم والثكالى والمحرومين والأيتام وقلت: يا رب فرّج همومهم!
ثم رجعت للواقع، وابتسمت لخالد الحضرمي، الذي يأمل أن يرى ابنه وابنته يعيشان في سلام!
وأضحك وأنا أرى نور البنغالي الذي يأمل أن يبني عمارة!
وأدعو للعم عوضين وهو يأمل بأن يحصل ولده حسنين على تأشيرة لأوروبا!
قال لي عبدالرحمن- وهو من الهند- إنه يأمل أن يستطيع دفع أقساط ابنه في كلية الطب!
سألني ابني محسن العتيبي: بمَ تفكر عم بومهند في هذا الفجر؟
ضحكت من السؤال وقلت: والله إنني أدعو لولي عهدنا الأمين سمو الشيخ نواف الأحمد أن يرجع لنا سالما غانما!
وأتمنى وأرجو كل من يقرأ سطوري أن يدعو لهذا الحادب على دينه، آمين يا رب العالمين.
هكذا هي الناس، وهكذا هي الدنيا تُسيِّر كل منا وهواه ومبتغاه!
أدام الله هذه (الابتسامات) وأزال الحسرات، وتذكرت الشاعر إيليا أبوماضي حين قال:
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانباً وترنما
يا الله! الأبيض والأسود والغني والفقير، كل الناس بحاجة الى جرعة كبيرة من التفاؤل!
في ركن المسجد أرى أمام عيني العديد من الجنسيات (الكل) يقرأ القرآن خاشعا (إن قرآن الفجر كان مشهودا)، والكل يرتجي فضل الله في هذا الصباح الندي، وكأنه يطبق قول سيدنا علي رضي الله عنه: خذ من دنياك لآخرتك، ومن شبابك لهرمك، ومن صحتك لسقمك، الدنيا أولها رجاء من سراب وآخرها رداء من تراب!
بعد الشروق وأداء صلاة الضحى اجتمعنا حول مائدة الإفطار من كل الأقطار، ناظرت الوجوه فوجدت أن عظمة النفس البشرية في قدرتها على الاعتدال والتواضع ونسيان (الواقع) الذي مزقنا إلى جنسيات وتصنيفات وفئات!
ها نحن اكثر من 8 جنسيات مختلفة نحقق «إنما المؤمنون اخوة»!
قلت لأبي بسام الشاذلي: ماذا علمك مجلسنا؟
فقال ضاحكا: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، فقلت: أفلحت!
ثم التفتُّ إلى (أبو عمرو الأصلع) متسائلا: إيه يا (أبوعمرو) ماذا تقول؟
فقال: بالشكر تدوم النعم وزينة الغنى الشكر، ثم قال الآية: (وأما بنعمة ربك فحدث) الضحى (11).
طلب ربيع الحديث فقلت: هاتِ ما عندك، فقال: مجلسنا يحرّك الهمم والعقل كي يتدبر والروح كي تطمئن، أعانكم الله.
ومضة: أرى الحكمة يا أهلي وشعبي في (الكويت الطيبة) انظروا في أرجائها وبيوتها وناسها (أمن وأمان ورخاء) والمحيط ملتهب حارق كله بارود ودمار وحروب!
صدق أبوالقاسم الشابي عندما قال:
الفجر يولد باسما متهللا
في الكون بين دحنةٍ وضباب
آخر الكلام: الله عز وجل ضمن لنا (رزقنا وآجالنا)، وقال جل من قائل: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) (هود: 6).
يا مالك الملك يا من لا شريك له
يا حنيُّ يا فردُ يا قيومُ يا صمدُ
وقد مددت يدي بالذل مفتقرا
إليك يا خير من مدت إليه يدُ
فلا تردنها يا رب خائبةً
فبحر جودك يروي كل من يَردُ
زبدة الحچي: مهما تكالبت عليكم الخطوب والبلايا والهموم تذكروا الآية: (... لا تقنطوا من رحمة الله...) الزمر: 53.
ما دمت حياً فهناك فسحة لأمل قادم.
قال الزهاوي:
لم يعبد الناس، كل الناس، في زمن
سوى إله له شأن هو الأمل
باختصار تفاءلوا (مواطنين ووافدين) لأننا دائما نعيش على هذا الأمل أو ذاك.
يقول الشاعر الطغرائي في لامية العجم:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فُسحة الأملِ
وعندما خرجت من مسجدنا في منطقة أبوالحصانية وجدت الطيور و«القطاوة» في انتظار ما يُرمى لها من بقايا اكل الإنسان.. إنه الأمل! أملها بلقمة فقط!