[email protected]
لو سألت شباب اليوم.. أقصد عيالنا من هذه الأجيال الآنية، تعرف «المقوَعْ»؟ يبحلق عيونه فيك: شنو يعني!
وين هذه القرية الجميلة؟ ما يعرف؟ ما علاقة «المقوَعْ» بتاريخنا؟ ما في إجابة؟ وماذا فعل النفط بـ «المقوَعْ»؟ لا أدري؟
تعالوا معي نتعرف على إحدى (مناطق الكويت العريقة)، إنها قرية المقوَعْ التي تبعد 25 كيلومترا جنوب مدينة الكويت و9 كيلومترات شمال الأحمدي وهي أرض منخفضة وتحيط بها (الصياهد) المرتفعات من جميع الجهات.
ويذكر الباحث د.عبدالله الغنيم في كتابه «العدان بين شاطئ الكويت وصحرائها» أن المقوَعْ مكان كما وصفه لوريمر يتكون من خمس آبار عمقها 18 قدما ومياهها صالحة للشرب وكانت على الطريق المؤدي للأحمدي، ولكن هذا الطريق اختلف بعد شق الطرق الموازية، كما أن إنشاء مطار الكويت قطع ذلك الطريق، وكانت في المقوَعْ بعض البيوت ومستشفى ثم تحول هذا المستشفى وبعض المباني إلى مدرستين إحداهما للبنين والأخرى للبنات، واليوم «المقوَعْ» خالية من السكان بعد نمو المناطق القريبة منها مثل الفروانية وخيطان، وتبعد قرية «المقوَعْ» عن الكويت نحو 26.5 كيلومترا.
ويذكر ديكسون أن «المقوَعْ » تبعد ميلين عن مَلَح شمالا وفيها حقل نفط تابع لشركة نفط الكويت، وهناك 23 بئرا منها ما يحتوي على مياه صالحة.
كما يضيف حمد السعيدان في الموسوعة الكويتية المختصرة أن سكان المقوَعْ بلغ 5134 نسمة سنة 1965 وقد ارتفع عدد سكان المقوَعْ الى 8322 نسمة سنة 1970، وكان لها أمير خاص لفض النزاعات بين سكانها، وكان آخر أمير لها هو المرحوم مرشد الشمري بطل الجهراء.
ويذكر الباحث عبدالله محمد المطيري أن المقوَعْ قرية كويتية مأهولة بالسكان وأغلب مساكنها من العشيش، وهي تقع على الطريق المعبد الواصل بين مدينة الأحمدي ومطار الكويت الدولي الحالي، ويطلق اسم المقوَعْ على حقل نفطي اكتشف عام 1951 قبل اكتشاف النفط في حقل الأحمدي 1953 وهما من الامتدادات الشمالية لحقل برقان الكبير.
وقد أزيلت العشيش والمساكن الشعبية وذهب سكان المقوَعْ الى الصليبية أو الجهراء، وبعضهم في محافظة الأحمدي والمناطق المحيطة.
في عام 1975 بلغ تعداد سكان قرية المقوَعْ 8664 نسمة، شكل الكويتيون ما نسبته 87.3%، حيث بلغ مجموع السكان الكويتيين 7567 نسمة، وبلغ عدد غير الكويتيين 1097 نسمة وبنسبة 12.7%.
«تاريخ وشخصيات من قرية الموقع» كتاب جميل وقيّم الذي ألفه وأعده الباحث الأستاذ حامد محمد مرشد بن طواله الشمري، وقدمه الأستاذ الفنان عبدالسلام مقبول، وتبناه د.عبدالله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية ليسد عجزا في المكتبة الكويتية العامرة.
ومضة: قضيت وقتا ممتعا وأنا أتصفح هذا الكتاب الرائع الذي يقع في 150 صفحة ويتحدث عن منطقة المقوَعْ والخلفية التاريخية والجغرافية ثم ينقلك (المؤلف) إلى معالم المقوَعْ ونبذة عن هذه القرية ودور شركة النفط بما فيها اطفاء الحرائق والصور والذكريات وأطفال المقوَعْ في بداياتها، ويعرفك بشخصيات المقوَعْ وسكانها الأصليين، ثم يختم بالشجرة الحزينة الباكية!
وهي الشجرة التي شهدت هجرة الناس ثم تركوها بلا سابق إنذار وحيدة في الصحراء وتساؤلات مطروحة ليس لها جواب!
آخر الكلام: لفت نظري أن هناك بعض الشخصيات التي سكنت المقوَعْ من الشخصيات العامة في المجتمع الكويتي مثل د.عويد سلطان المشعان، والأخ الفنان عبدالسلام مقبول رسام الكاريكاتير، والفنانة أسمهان توفيق، وشخصيات كويتية معروفة أخرى من الصعب حصرها في هذه المساحة.
زبدة الحچي: وقفت طويلا عند ما كتبه المؤلف على لسان المؤرخ والأديب والشاعر العم سعود بن غانم بن محمد بن الجمران العجمي، أطال الله عمره في صحة، وهو منشور في «القبس» 20-5-2011 وأجرى الحوار الزميل جاسم عباس، وقد تحدث بإسهاب عن الكويت في التاريخ، وأوضح ان المقوَعْ تعني الأرض المنخفضة أي القاع تصب فيها المياه وتعتبر القاع الغنية بمائها العذب وتضم بالقرب منها مَلَح في جنوبها، كانت غنية بالآثار القديمة ولها ذكر في معجم البلدان لياقوت الحموي.
وقال العم سعود الجمران: أنا ووالدي من سكان المقوَعْ وأجدادي كانوا في البادية أهل حلال (ابل - اغنام) ويتبعون الحياة مع الأمطار والأعشاب.
حديث العم سعود بن جمران العجمي يحتاج إلى صفحات ولمزيد من الاستزادة يرجع الى هذا الكتاب.
كل الشكر والتقدير لمن اثروا هذا الكتاب القيم الذي يتحدث عن قرية المقوَعْ فترة ما قبل النفط وبعده وجعلونا نشعر بالحنين الى الايام الخوالي، وتحية مني الى ابناء قرية المقوَعْ، وهم اليوم قياديون وسفراء وفنانون وشعراء ودكاترة ووزراء وأعضاء مجلس أمة، سكنوها وصارت جزءا من تاريخهم وكيانهم وذكرى ولا أجمل لمنطقة طيبة بناسها وتاريخها، وصدق الزميل عبدالسلام مقبول عندما ختم حديثه عنها: ما أروعك في مقوعك!