[email protected]
مأساة الصراعات والنزاعات، انها تستخدم الإنسان لإحداث أسوأ ما يصيب الإنسان!! الأمن النفسي ولّى إلى غير رجعة وحل الوجع والترقب في زمن الراحة والطمأنينة وراحة البال المفترض!
وحلّ مع «نشرات الأخبار الكريهة» تزايد مفردات النزاعات والصراعات والحروب! بالفعل صارت نشرات الأخبار هي «الوسواس الخناس» تضيق الخلق والخاطر!
مفهوم النزاعات عندي هو كل أنواع الصراع الاجتماعي والسياسي، ولا يخلو خبر النزاع من تصدر وكالات الأنباء العالمية لهذا الصراع أو ذاك وكلاهما مر!
طبعا إذا قلنا كلمة «النزاعات» فهذا يعني ايضا العنف بكل أنواعه اللفظي والأعمال المصاحبة لهذا الشر واختلاف الرأي وهو اليوم موجود في العائلة والمجتمع والمهنة وحتى الفرد، انها «حرب ضروس» تنامت في ظل مجتمعات الرفاهية!
معلوم ان النزاع ينشأ بين الأفراد والدول من أجل انتزاع «أمر ما» له كينونته وذاته واحيانا هذا الأمر يخلق حالة من «العنف» لاسترجاع «المسلوب» قسرا!
لهذا كثرت اليوم عبارة «فض النزاعات» في كل مكان حتى داخل الأسرة والمجتمع وأبناء الوظيفة والمهنة والتكتلات إما بأسلوب التفاوض أو الجهد الحركي واحيانا «التحكيم» أو أساليب متبعة لـ«فض الخلافات» بشكل قانوني دولي أو جهد أفراد ومنظمات وحكومات!
اليوم المجتمع بكل أفراده ومع تزايد التواصل الاجتماعي أصبح «الفرد» أكثر عدوانية بل ان «الاختلافات البشرية» زادت بين الناس والشعوب مما يجعلني أُطالب وسائل الإعلام المختلفة وقطاعات المجتمع المدني الفاعلة بضرورة تبني «وعي جديد» يقوم على عوامل التهدئة بين الناس فالمحاكم الشخصية ضاقت بما رحبت بالقضايا وفي محكمة العدل الدولية عشرات القضايا على جدول الأعمال، والكل مطالب بان يقدم «مساعدة» لهذا «الكون» الذي يعج بالخلافات والصراعات والنزاعات ويحتاج الى «الجهد البشري الحكيم والعادل» لبدء مفاوضات ووساطة وتحكيم وتقاض في كل هؤلاء الذين يرفعون «راية الاختلاف» مما ينهش في جسد الأمة ويمزقها ويعوق تماسك الأمة وتقدمها.
المطلوب ان نبدأ أولا بحل نزاعات الأسر فكل هذا يدمر المجتمعات بما له من آثار ناجمة عن الاختلاف لان الصراعات تولد لنا «مواطنا ناقما» ممزقا نفسيا مهيأ للانحراف خارج الأسرة المفككة المنكسرة ويفقد الهدف في الحياة.
ومضة: النزاع صفة ملاصقة للإنسان وهذا أمر طبيعي لكن غير الطبيعي ان يدخل في حياتنا «ممارسات غلط» تدمر أُسرنا ومجتمعاتنا وبالتالي أوطاننا يوم «نتحزب ونتكتل» وأعرف تماما ان الناس يختلفون في المزاج والغرائز والتطلعات والمزايا فكل شخص هو «نسيج فريد متميز عن غيره» لكن غير المرغوب ان نحقر هذا الإنسان ونهينه ونقضي على آدميته ونستبيحه.. ما المخرج والمنتج من هذا الكائن المظلوم؟
كل إنسان بحاجة إلى «جماعة من البشر» متوازنين يعيدونه الى آدميته يوم يضل سواء السبيل، وعلى قطاعات المجتمع الرسمية والشعبية ان تعزز قيم الوحدة لا التناحر والتجافي وتثير الخوف والرعب والبغضاء والقطيعة والعداوة والتوتر والعنف والدمار النفسي الشامل!
آخر الكلام: مطلوب من مدارسنا ومساجدنا وجمعيات النفع العام والاتحادات والمنظمات والجهات الحكومية مجتمعة ان تخرج لنا اليوم «جيلا» ينبذ العداوات والتناحر ويقبل بالرأي والرأي الآخر وإعادة النظرة الموضوعية في علاقتنا أولا بالأسرة الواحدة والدولة والمحيط الخليجي والعربي والإسلامي والعالمي ومنع كل عمليات إذكاء نار الفتنة والتركيز على «التعايش» لإعادة الثقة للفرد بأسرته ومجتمعه ووطنه وأمته ولا يتم هذا كله إلا بالحوار لأنه اسلم طريقة لتصحيح مسار كل الأطراف المتنافرة نحو التغيير لأن «التسويات السلمية» هي التي تنهي النزاعات والصراعات خاصة اذا ما علمنا «أجيالنا الآنية واللاحقة» ان السلام الحقيقي هو جسر التنمية الحقيقي في ظل «الوفرة المالية» والرخاء فلمَ نعطي الشيطان فرصته؟!
يقول امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكون فتيَّة
تسعى بزينتها لكل جهولِ
حتى اذا استعرت وشب ضرامها
عادت عجوزاً غير ذات خليلِ
شمطاء جزت رأسها وتنكرت
مكروهة للشم والتقبيل
زبدة الحچي: النزاعات بكل ألوانها وأشكالها باعثة على القلق والكرب، أولها شكوى وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى!
يقول الشاعر:
أرى خلل الرماد وميض جمر
ويوشك ان يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
وان الحرب مبدؤها كلام
علينا ان نوقف في كل أمر النزاع أولا الكلام ثم الكلام ثم الكلام.. وتسلمون والله يحفظ الجميع.