[email protected]
نستخدم في حياتنا كلمة «المسايرة» كثيرا خاصة في هذا الزمان ويحاول كل إنسان على قدر استطاعته ان يساير الوضع بتغيير السلوك وحتى الاعتقاد اذا ما تزايد عليه «الضغط» بمعنى ان يتخلى الانسان عن استجابة يميل اليها، ويميل ويمارس ويستجيب لاناس وأشخاص يتوقعون منه هذا، وهناك مسايرات للفرد وأيضا للجموع وهنا يحصل «الإذعان» والمسايرة وتغيب أحيانا «المعايير والمبادئ» وتطغى الضغوط فيكون الامتثال فالمسايرة فإما قبول أو رفض!
في حياتنا ياما كسرنا حواجزنا من أجل مسايرة أطفالنا وأحفادنا مرات رفض وأخرى قبول أو اعتراض!
طيب هذه أسرتك وأنت الآمر الناهي لكن الأمر مختلف مع الآخر!
لكن المعايير الاجتماعية تطغى احيانا «أنت كبير حاط دوبك وهالعيال والشباب يا اخي تجاوب وساير ما يريدون»!
هني القمندة! هنا السر؟ اقولكم أكثر..
القصة «ساير» واكسر كل القوانين والالتزام والقيود وحقق الرغبة في ضغوط المجتمع والله إننا تعبنا من طلب المسايرة!
هناك قواعد وأصول واجبة واحكام علينا ان نتوقف عندها طويلا قبل المسايرة لان الاستجابة تعني احيانا تكلفة الفاتورة!
ومضة: رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم علمنا وأدبنا بهذا الحديث يقول: «رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس، لقد امرت بمداراة الناس كما أمرت بأداء الفرائض».
هنا لابد ان نتوقف طويلا أمام هذا الحديث ونفهمه كما ينبغي، يقول زهير بن ابي سلمى:
ومن لا يصانع في أُمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
انني اتوجه بالنصيحة لكل من يطلب «المسايرة» ان يتذكر قوله تعالى: (.. وقولوا للناس حُسنا.. البقرة 83).
هناك مثل عربي شعبي: اذا جلست بين العوران أعور عينك!
هكذا هي الدنيا تريد ان يحبك الناس جاريهم وتعلم فن المسايرة والا تلقى وعدك بأفظع الألقاب!
رحم الله من عرف قدره، كلمة قالها الشاعر منصور الخرقاوي ـ بو بدر ـ رحمه الله:
يا صاحبي من لا يسيس بلا قاع
مبناه لا نافع ولا هو ابمنفوع
لو كان ما يصبر على الديد رضاع
كان الفتى لو شاب مازال مرضوع
لا تحسبني لك على الوجه صفّاع
لا شك أنا قبلك من الوقت مصفوع
آخر الكلام: أمس الفجر وقفت على الآية الكريمة في سورة «النساء 86» قال تعالى جل من قائل: (واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها، ان الله كان على كل شيء حسيبا).
لقد صدق الإمام الشافعي عندما قال:
يزيد سفاهة وأزيد حلماً
كعودٍ زاده الاحراق طيباً
الله يكون في عون كل انسان حسب مكانته ومركزه ومنصبه فالكل يطلب المسايرة ويصر عليها بأشكالها وألوانها!
زبدة الحچي: المسايرة سلوك انساني يملكه كل انسان له قواعده واصوله وأحكامه وفق التعامل ونوعية «الجمهور»!
هناك تعامل فرد وهناك مجموعة وهناك أُمة!
يقول الشاعر الكبير منصور الخرقاوي رحمه الله:
يا الله يا معدل صفا كل ما مال
يا مصرف الأرياح عدّل لي حالي
يبقى ان تعرف ان المسايرة هي «عرف» في كل المجتمعات والشاطر الذي يخرج بأقل الاضرار في زمن زادت فيه الفتن والتشاحن فاحرص على المسايرة القانونية الرزينة ولا تنجرف وراء العواطف والاهواء والمغريات مسايرة للزمن لاننا نعيش حاليا زمن المناكفة وتبقى الحقيقة: دارهم مادمت في دارهم وجاريهم مادمت في جوارهم!