[email protected]
عاشق الدار الشاعر الفذ المتألق في سماء الوطن دائما عبدالله العتيبي وهو أحد منارات الكويت الثقافية، يقول:
أنا نهمة البحار في أهواله
أنا نخوة البدوي حين يضام
بعد مرحلة التحرير بدأت تظهر في حياتنا مفردات تحاكي الواقع من أبرز هذه الكلمات (حراك)!
كمعلم للغة العربية أعي وأعلم وأعرف أن حراك اسم قادم لنا من الحركة، والحركة كل مظهر عام من مظاهر النشاط والعمل بمعنى (حراك ضد السكون) وكما نقول هامد ساكن لم يأت بحركة لهذا نسمع تحرك، تحريك، تحركات، حركة، حركي، حركية، وأخيرا «حراك»!
هذه الكلمة عجيبة وسر التعجب فيها أنها من المصطلحات التي تثير الفضول إما اتفاقا أو اختلافا!
حراك تعني في ظل ما شاهدناه من أوضاع ومجريات وأحداث (اندفاع منظم أو غير منظم لمجموعة من الناس نحو تغيير أمر يريدونه) والكل هنا يرفع مصلحة الوطن (مدعيا) فوق كل اعتبار وبعيدا عن المصالح الآنية والشخصية، وهنا مكمن (الخطورة) في هذا القول لأنه غيبي وناتج من (احتكاك) مفردات وثقافات كل حسب أولوياته، فالكل يدعي الوصل بليلى!
إنني من واقع التجربة المعاشة (أعي وأعرف وأُقيم) نوعية الحراك من شخوصه وشعاراته وآلياته كل على حدة، ومع هذا الحراك الذي يؤدي الى تقوية الرابط بين الفرد والمجتمع والأمة، تاريخا ولغة وديانة، وفيه حفظ للبلاد والعباد بعيدا عن الأهواء والطيش والتخريب والتجريب والتحزيب!
يقول الشيخ يوسف بن عيسى القناعي وهو فقيه ومصلح:
شاور سواك إذا نابتك نائبة
يوما وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تبصر منها ما نأى ودنا
ولا ترى نـفـسـها إلا بـمـرآة
إنني أدعو كل مواطن ومقيم، أيضا إخواننا في خارج الكويت الى ضرورة (التمعن) طويلا في الأطروحات التي مرت أو المستجدة في أجندة من يرفع شعار (هذا عمل وطني) فيه استشراف للمستقبل!
ضع كل (المطروح في الساحة) على طاولة بحثك وناقش في عصف ذهني ما تطرحه المعارضة وما يقابله من السلطة في ميزان البحث والتعددية المقبولة في الدولة المدنية والتعددية السياسية والثقافية والفكر الشمولي (وحرك مخك من خلال حوار عاقل) وانظر للواقع المعيش واستشرف المستقبل وتذكر كل (القيم والنعم) التي تعيشها حتى تضع رأيا في مؤازرة (القوى السياسية)!
اليوم (المعلومة) موجودة في ظل ثورة الاتصالات والأجهزة الذكية والمسرح الحياتي والسياسي والحزبي والديني والأيديولوجي والاستقطابي، وابتعد سريعا عن كل قضايا التمترس الهوائي «وخل» نظرك دائما من خلال الأطر القانونية أو القضائية تكسب!
كلنا بحاجة إلى (إصلاح الحراك) فغالبا ما يسيطر الفتور والجمود على الناس هنا وهناك في دائرة الصراع، ولنتذكر أننا بشر بمعنى ليس بمعصومين!
يقول أحمد مشاري العدواني، وهو شاعر ورائد وطني إصلاحي:
قل للذي ظن المعالي سلعة
المجد غير بضاعة التجار
فدع النسور على الذرا وانعم بها
فوق الثرى تسلم من الأوتار
ومضة: «ضعنا في الطوشة» كما نقول بلهجتنا المحلية، ما ودي أبدا أن يفهم مني أنني ضد (الحراك) لكن أي حراك؟
من يقود الحراك ونوعيته، فهناك حراك ثقافي واجتماعي وبيئي وسياسي... إلخ.
أنا في هذا العمر أطالع الحراك من (علو) فلقد مارسته في ديوانيات الاثنين مع شباب الحراك الوطني، ومع التجربة والخبرة أخاف جدا اليوم (على الأعمار الصغيرة) من أي «الحراكات»!
أنا والله متيقن أن أبناء الكويت (صادقون) ولا أشك لحظة واحدة في صدق نواياهم وحرصهم على وطنهم في ظل هذه الديموقراطية، لكن الخوف كل الخوف من (انحراف الحراك) في ظل هذه الأوضاع خاصة أولئك الذين يريدون سرقة الحلم!
ليس هناك كويتي عاقل يحب أن تنتشر الفوضى والاقتحامات والاضطرابات (وسط حماس الشباب)! مما قد يضيع (الهدف) ويصيبنا جميعا في مقتل!
يقول شاعر الخليج العربي الكويتي خالد الفرح:
وطني ومهد أبي ومسقط رأسي
أهواه حتى آخر الأنفاس
وطني قضيت به سويعات الصبى
أهواه حتى آخر الأنفاس
آخر الكلام: الكويت ولله الحمد والمنة بدأت فيها الديموقراطية مبكرة وطول عمرها (سلطة ومعارضة = شعب مراقب) ساعة (الصچية) تلقاه كما حصل في الاحتلال العراقي الغاشم في 1990.
لقد شهدت الكويت عبر تاريخها (حراكات) شعبية لكنها (عاقلة) حققت أهدافها في كثير من الأحيان لأن الناس بكل صراحة تتحمل مسؤولية إحداث الإصلاح وتحقيق التغيير ضمن أطر القانون والنظم أو اللوائح في كل المعادلات السياسية.
ما أجمل شاعرنا فهد العسكر حين رمز إلى الكويت بحواء:
حواء يا ذات الجمال ويا ضيا
هذا الوجود وربة الأشعار
زبدة الحچي: علينا استيعاب التغيير في كل أنظمة حياتنا بعد دخول الأجهزة الذكية (الميديا) ففي السابق كان من يعتلي الدبابة يحكم!
اليوم (الكاميرا خطرة) جدا والمدخلات المستحدثة والمستحقة قد تؤدي إلى مخرجات غير متوقعة.
يقول شاعر الكويت الكبير زيد الحرب في عمق الدلالات والمعاني:
يا مجلس التأسيس احنا انتخبناك
نبغيك لا تهنا بدرب تدله
ولا ضاعت الأفكار نلوذ بحماك
وتصير مثل الفرس نركد بظله
وانت الطبيب علاجنا مرهم دواك
وانت الشفا للشعب من كل عله
والشيخ ما قصر على الملك ولاك
وارخص لك الغالي دقاقه وجله
واحنا على كيفك وندور رضاك
وحقك علينا يطيعك الشعب كله
ونحب من حبيت ونعادي عداك
وكل ما يطوي بعزم نفله
إنني أدعو لبلدي الكويت أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل أميرنا قائد الإنسانية وشعبنا الوفي الأصيل الذي يجمع حكمة الآباء والأجداد على اعتبار أن الكويت (أمانة) الجميع.