[email protected]
إذا أقبلت الفتنة عرفها العقلاء وإذا أحرقت عرفها السفهاء! الفتنة تهز الأرض وتهلك الحرث والنسل!
الدنيا اليوم تموج بالفتن، فما العاصم منها؟
يقولون عندما يصبح الشيطان عاجزا عن الفتنة، فإنه يطلب العون من ضعفاء النفوس الشريرة.. وما أكثرهم مع الأسف!
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحذر من الفتن ويصفها بأنها كقطع الليل المظلم.. فكيف نكون في مأمن من هذه الفتن؟
بالأمس السبت وأنا أقرأ في الفجر سورة «الأنفال» وقفت في موضعين على قضية الفتنة أطرحهما عليكم للاعتبار، يقول تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب) الأنفال: 25.
وقال تعالى: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم) الأنفال: 28.
قال الشاعر:
لا تقبلن نميمة بُلّغتها
وتحفظن من الذي أنباكها
إن الذي أهدى إليك نميمة
سينم عنك بمثلما قد حاكها
لا شك أن وراء كل فتنة شيطانا ولا شك أن الفتنة في الصدر وسواس وأن أعظم الفتن فتنة المال والمنصب والجاه وهي باختصار: إن اشتعل فتيلها تكون كالحريق في الهشيم الذي يأكل الأخضر واليابس!
أصحاب الفتن كثر فهم قبل الشياطين والأبالسة والمردة هم من الإنس والشحم واللحم وأهل الأهواء ومرضى القلوب هم حملة الكراهية والحسد والشهوات والجور والبغي.
الفتن كقطع الليل المظلم، هكذا وصفها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم منها ومن «فتنة الدجال» وخوف أمته، وما أكثر الدجالين!
أمام هذه الفتن ليس أمامك عزيزي القارئ الكريم إلا التمسك بالكتاب والسنة والصبر واعتزال مواطن الفتن وعدم السير في الركاب مع العامة والزم بيتك وأمسك لسانك وصن قلمك، وهذا كله أضعف الإيمان، لأن المؤمنين يسعى بذمتهم أدناهم، وعليك بالنصح والتوجيه وقول كلمة الحق أمام مثيري الفتن وهم «موجودون» في كل زمان ومكن يحبون الشر ويكرهون الخير، يحملون الحقد والحسد ويتصفون بالسفاهة والحماقة والجهل!
ومضة: إن الفتن تبدأ صغيرة ثم تكبر فكأنها بالضبط الحريقة الكبيرة الهائلة المدمرة التي مصدرها «عود كبريت واحد».
يقول المثل العربي: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»!
هي دائما نائمة في حالة (خمول وجمود) لكن الأشرار حملة الفتنة دائما هم الذين يوقظونها وهم (مقاريد) من مقرود أي كريه وحقود وحسود!
الشيطان الإنسي موجود في كل مكان وكل زمان وبلد، مهمته إشعال الفتنة والهروب منها كالشيطان!
وإذا كان الشيطان موقظ الفتنة! فإن هناك أيضا في كل مكان وشعوب «رجالا كراما عقلاء حكماء» يسعون بالخير لقبر الفتنة! ارجعوا إلى كل الحروب في أسفار التاريخ تجدوا أن أحد أسبابها الفتنة!
آخر الكلام: الله يكفينا شر الفتن والأحقاد والأضغان والكراهية لأنها جراثيم مهلكة وفيروسات شريرة تحاول دائما التسلل إلينا. يقول زهير بن أبي سلمى الشاعر الحكيم:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المرجّم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وتضْرَ إذا ضرّيتموها فتضرم
فتعرككم عراك الرحى بثفالها
وتلْقح كشافا ثم تحمل فتتئم
زبدة الحچي: العرب والمسلمون من أخبر الأمم بالفتن لأن دينهم الحنيف وهو آخر الأديان وضحها لهم وأمرهم بلزوم الوحدة والجماعة ووأد فتنة التشرذم والتمترس والتفرد!
لكن نظرة إلى الفتن نجدها في أوطاننا العربية خاصة بعد آثار ما سمي زورا بالربيع العربي!
إننا في حاجة ماسة إلى إيقاف كل الحمقى والسفهاء والجاهلين الذين يسعون بالفتن والإشاعات وتوغير القلوب وإفساد الناس على الناس، فما أحوجنا لأن نتذكر مقولة العرب: «عدو عاقل خير من صديق أحمق»!
أجمع عقلاء التاريخ القديم والحديث أن البطر بالنعم ظلم عظيم يؤدي إلى زوال النعمة وأن «الشكر» هو أسهل وأجمل وسيلة للسعادة، لأن بالشكر تزيد النعم!
نحمد الله أن الكويت لا تتبع كل ناعق وتحاول دائما قبر الفتن.
والخلاصة ان الفتن اختيار وامتحان وأهم ما يدحر هذه الفتن الاستفادة منها والتمسك بالصالحات الباقيات على بصيرة الإيمان والبر والتقوى وطلب الهداية لأن هذه المفردات طريقنا إلى السعادة ودحر الفتن أعاذنا الله منها، ما ظهر منها وما بطن!