[email protected]
نعيش الزمن «الترامبي» ونشهد فعالياته المؤذية لأمتنا!
ونعيش أيضا الزمن «البوتيني»! وقد تأذينا من تبعاته!
وكلاهما صعب أن تتنبأ بما سيفعله معك إن حاضرا أو لاحقا!
كلا «الرئيسين» يصعب فهمه!
أثر «البوتينية» شفناه في سورية وسنراه لاحقا في أكثر من موقع عربي، فلروسيا اليوم أكبر قاعدة في الشرق الأوسط في سورية وصارت الآن اثنتين الأولى في اللاذقية جوية والثانية في طرطوس بحرية وهي حقبة تحالف فيها الشرق والغرب علينا!
اليمين في المجتمعين الأميركي والروسي متشدد دينيا ومؤدلج ويستغل إيجاد الدعم الهائل من الشعوب في ظل «بروز» ما يسمى زورا بـ «إسلام الدولة الإسلامية»!
هذا الفكر وإظهاره وتشجيعه ثم حجبه وربما إخراجه من جديد تحت مسمى جديد ربما «خراسان»!
انظروا كيف تمدد الروس في «الوطن العربي»، هل هذه ايديولوجية؟ أم عقيدة؟ لقد ذهبت الشيوعية يوم تهاوى الاتحاد السوفييتي ومنظومته بعد 70 عاما من احتلال الشعوب ورجعت روسيا اليوم اكثر قوة من سابقاتها!
روسيا اليوم تراهن على مستقبلها الأوروبي بنجاحاتها في أراضينا وهذه «سيناريوهات» شفناها وأكلها قتلاً وتدميراً وتهجيراً «الشعب السوري الشقيق» وكلامي ليس افتراضات وإنما حقائق من أرض الواقع.
انني أشير هنا الى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون واحدا من أكثر رؤساء روسيا معرفة بالمشهد الروسي منذ صعوده الى السلطة وكيف تمكن من احتواء أو إزالة مخالفيه في آن واحد!
يبدو لي واضحا أننا كأمة «عربية» محاصرون اليوم بين الترامبية والبوتينية!
وكلاهما مر!
لقد بنى بوتين خارطة الطريق الروسية بعد أن شاهد توقف التوسع الأوروبي جيوبوليتكيا وسوسيولوجيا!
بدأ بوتين عهده على اعتبار أن مشروع التكامل الأوروبي لن يستمر وها نحن نشهد بريطانيا تخرج منه!
لقد مرت روسيا بالبيريسترويكا والـ «غلاسنوست» (إعادة الهيكلة وتعزيز الحريات) في أوائل الثمانينيات وسقط الاتحاد السوفييتي على يد الرئيس ميخائيل غورباتشوف وحسبنا ان الحزب الشيوعي انتهى الى غير رجعة لكننا اليوم بدأنا نلاحظ عودة أحزاب يسارية تكسب الانتخابات في أوروبا تحت شعار الاشتراكية!
ما زلت أتذكر حقبة الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن الذي انتخب اكثر من مرة لأنه فقط اشار الى ان بإمكانه الحد من صلاحيات مجلس الدوما! ويقصد هنا البرلمان الروسي!
وانتفضت موسكو في عهد يلتسن لأنه تكاسل في محاربة انتفاضة الشيشان الأولى، ما جعلها تنجح في حرب العصابات واستنزاف الجيش الروسي وضياع يلتسن ما بين عدائه الصريح للإسلام وعجزه أمام أوروبا وتعامله المزدوج مع الكرملين مرة في الحصول على الدعم المالي من أوروبا ولم يُحتضن هنا «عربيا» كانت فرصة خاصة عندما أخفق في قيام نظام ديموقراطي ففاز الإصلاحيون وتضاءل العدد الفارق بين الشيوعيين والوطنيين وكان الطلب العالمي على النفط والغاز قد تراجع وسقط سوق الأسهم الروسية بـ 60% من إجمالي الناتج المحلي.
في ذاك الوقت لم يكن فلاديمير بوتين معروفا ولا تربطه أي صلة بأي حزب سياسي لكن «الداهية» بوريس بيريزوفسكي وهو أقرب المقربين الى يلتسن وموضع ثقته قد رشحه لمنصب «رئيس مجلس الوزراء» وبدأ بتحقيق سلسلة من النجاحات لأنه كان حازما غير متردد في كل قراراته، قمع الشيشان في مجازر دموية مروعة وأمسك روسيا بقبضة حديدية بوتينية!
ومضة: سؤال: من يحكم روسيا الآن؟
يحكم روسيا «بوتين» مع طبقة «النومنكلاتورا» الجديدة!
وهم جميعا أو أكثر من الحزب الشيوعي «ضباط» سابقون!
طبقة جديدة أكثرهم عمل في جهاز «كي.جي.بي» المخابرات السوفيتية، وفي الخارج استطاع بوتين ان يجذب «إيران» في تعامل مباشر أيام الحصار الاقتصادي وان يتعاون معها في سورية علنا!
آخر الكلام: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استطاع ان يجمع التاريخ الروسي بكل مثقفيه ومنظريه التاريخيين لينين وماركس وبوشكين وبطرس الأكبر وستالين، وقد استحضرهم في «امبراطوريته الحالية» بعد ان أعاد هيبة «موسكو» أمام شعوب العالم!
وهو بالمناسبة رئيس مثير يحب أن يسبح ضد التيار وفق قناعاته الأكثر غرابة!
زبدة الحچي: مستقبل روسيا دائما مرتبط بـ «الديموغرافيا»، ولهذا هو الآن مهتم بالنسل وتشجيعه على أسس روسية قومية متطرفة!
لقد استفاد بوتين من الكوارث الكبرى التي مرت على القياصرة في الحكم الشيوعي وهو يعمل بشكل جاد على «بقاء حزب سياسي قوي» لأنه من مستلزمات الديموقراطية وتسخير الدعاية الروسية لحشد الجماهير لإيصال رسالة بوتينية مفادها ضرورة العودة الى الجذور القومية القديمة وإحياء النزعة الجديدة بالعودة الى مشرق الشمس «بلداننا للأسف»!
الرئيس بوتين وجّه أول رسالة إلى (أوروبا الشرقية) والولايات المتحدة أنهم عائدون الى روسيا العظمى! وأن الكيكة عربية.
ومن نهر «Neve» شمال غرب روسيا الى الفرات مرورا بالصين والفولجا!
إنه يؤمن بنبوءة دانيال حسبما تكهنت الروح القدس في عقيدته الخاصة: امبراطورية روسيا لن تطولها يد الفناء أبدا!
قارئي العزيز: اعلم ان الرئيس بوتين يعتبره الروس أيقونتهم الرشيقة وهو «التغيير» الخاص بالتوجهات المستقبلية في روسيا القيصرية البلشفية.
روسيا اليوم في أوج قوتها وهي الأكثر قوة لتنافسها مع الغرب، والروس يعرفون انهم يملكون «رئيسا» قويا لكنهم في حالة ضعف ماداموا يستوردون ما يحتاجون اليه من المواد الخام من الغرب وغيره، اضافة الى المشكلات الداخلية، ولهذا كله دخلوا «سورية» وعينهم على غيرها، هذه هي ثقافة الدب الروسي الجديدة بقيادة بوتين!
مع ملاحظة أن سياسة بوتين مبنية على الاحتكار لوسائل الإعلام في عودة الى روسيا القيصرية!
ويبقى السؤال: إلى أين أنتِ ماضية يا روسيا؟!
وماذا في رأسك يا بوتين «البوتينية»!