[email protected]
ونحن نمارس الحياة بشتى صورها ينبغي أن نلتفت ونهتم بقضية منسية وهي «تطييب خاطر الزعلان»!
ترى هذه قضية مهمة جدا في الحياة لأن «الطرف الآخر» إنسان له مشاعر «حب وزعل وفرح ورضا وخصام..»!
تطييب خواطر «المنكسرين والضعفاء والمعوزين والمضطهدين والمنكوبين والمتخاصمين والزعلانين..» يحتاج منا إلى التفاتة إنسانية حثنا عليها الإسلام وأيضا الديانات الأخرى، لهذا كله تجد كل الناس تدعي في الليل والنهار «اللهم فرّج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين..».
إن من مكارم الأخلاق ومحاسن (الرجولة الحقة) و(الأنوثة الكاملة) أن تجد الرجل أو المرأة إذا أخطأ يُسارع فيعالج خطأه أو غلطته وهذا من (حُسن الخلق) ولهذا عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: التقوى وحُسن الخلق.
لهذا لا يبادر إلى إرضاء الناس (المتكبر والمغرور والمتعجرف)!
إن تطييب النفوس أدب إسلامي رفيع وخلق إنساني يسمو بالإنسان صاحب النفس النبيلة.
من أجل هذا كله أدعو قارئي الكريم رجلا كان أو امرأة أن يبدأ يومه بالتصالح مع الناس والكف عن الإيذاء، لأن هذا خلق المتواضعين الذين ينالون أعلى الدرجات وترفع بهم المقامات، وعليك أن تعرف أن (تطييب الخواطر) عبادة جليلة، وقد ذكر بعض العلماء ضرورة الشفقة على خلق الله.
نحمد الله أننا في الكويت من الشعوب التي تضمر الخير للناس أجمع، ولهذا يقولون (قلب الكويتي رحوم)!
نظرة لمجتمعنا الكريم فيه خصال تطييب الخواطر أصول وممارسة وأعراف كلها تؤدي إلى جبر الخواطر في النهاية.
ومضة: من منا لا يحتاج إلى تطييب الخاطر؟ كلنا بشر ونحتاج إلى هذه المشاعر الإنسانية المتضامنة ونظرة لقرآننا الكريم، مثل هذه الآية العظيمة: (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر) الضحى (9 - 10) وهي تذكرة بألا نقهر اليتيم ولا نذله، بل نطيب خاطره ونُحسن إليه ونلطف به ونمنع تقريعه وتوبيخه حتى لا يذوق الذل، أليست هذه (إنسانية) رفيعة؟!
آخر الكلام: يتميز مجتمعنا الكويتي بالتكاتف حيال أي (ضغينة) أو غلط يحصل على (مواطن ووافد) وتجد الكل يمد يد المساعدة لإنهاء هذا الموضوع بتطييب خاطر المكسور المهزوم المنكسر المنكفئ حتى يرد له اعتباره، وفي كل مرافق الدولة (بدءا من البيت أو المدرسة أو المسجد أو السوق أو الديوانية...).
ترى الموضوع سهل جدا فقط انزع (لباس الطاووسية) وابدأ بالكلمة الطيبة الحانية والمواساة الكريمة والسعي قدما في وضع النقاط على الحروف بأخذ (حق الضعيف الذي أصابه ضيم)!
في هذا العصر كثر الاعتداء ثم ممارسة (الوقاحة) بصور كثيرة في اللفظ والاعتداء على أصحاب القلوب المنكسرة للأسف!
زبدة الحچي: أيها القارئ الكريم دعوة لتخفيف معاناة (أصحاب الخواطر المنكسرة) من (خدم، أيتام، وافدين ضعفاء، عمال، جيران مظاليم...)، بنصرتهم والفزعة لهم وتخفيف مصابهم وتعويضهم وجبر نفوسهم وابتعد عن (شيء سيئ جدا وهو التشفي)!
لا يقسو قلبك وتجعل من مآسي الناس مجالا للضحك والسخرية، قال الشاعر:
يا عائدا قد جاء يشمت بي
قد زدت في سقمي وأَوجاعي
وسألت لما غبت عن خبري
كم سائل ليجيبه الناعي
قال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) البقرة 194.
احرص عزيزي القارئ دائما على فضيلة الاعتذار وتطييب النفوس واعلم أن كفارة ذنبك هي الاعتذار، واعلم أيها الحبيب أن الإنسان هو الإنسان، غنيا كان أو فقيرا كبيرا أو صغيرا، يحتاج إلى الكلمة الطيبة وهي (أنا آسف)، ولا يقولها إلا إنسان يسمو بخلقه الرفيع في زمن زاد فيه الإيذاء والوجع والألم على كل ضعيف وكسير، ولعل أمتنا العربية الآن أحوج ما تكون إلى من يعتذر لها بعد أن أصابها التعدي وتجاوز عليها الآثمون دونما اعتذار!