[email protected]
أمس الأول مساء زرت صديقاً في ديوانه العامر قبيل مباراة العراق والإمارات، وهو يحب دائما أن يرى المباراة في بيته وحيدا لأنه «عصبي المزاج» ولا يريد أن يطلع أحد على انفعالاته خاصة أنه متعصب جدا للمنتخب الكويتي الذي خرج مبكرا من «خليجي 23» تاركا سحابة من الحزن تخيم على الشعب الكويتي ما أزاحها سوى نجاح المنظمين خلال أيام معدودات في جعل الدورة ناجحة بهمم عالية خلف الكواليس هنا وهناك، وليست هنا القصة بل القصة الحقيقية في من زرته في ديوانه وجدته يشرب «الچاي» الحاچم متسمرا خلف الشاشة الفضية والتي خلت على كبر حجمها من أي رياضة!
سلّمت وجلست، «هلل ورحب» وكان مشدوها برؤية قناة «National Geographic» فقلت أبا أحمد شفيك اليوم في مباريات على غير عادتك أطالع هذه القناة وشايفك «حاط» المفترسات من السنوريات!
فقال: شوف يا الحبيب ما عاد لي خاطر أُتابع الكرة تعبت نفسيتي وألقى راحتي في هذه القناة «احط لي بيالة وتعني استكنانة أي كباية چاي حاچم» وأمزمز!
أقولك شغلة أنا مدمن رؤية الأسود والنمور والفهود والضواري ما أحب الطياح!
هنا ضحكت وقلت: أبا أحمد أنا مثلك عاشق هذه القناة واعتقد ملايين الناس تتابع أفلام هذه الكائنات القوية!
التفت إلي بوأحمد قائلا: الله، حتى انت تحب هذه المفترسات؟
قلت ضاحكا: أنا «عاشق مفتون» بجسارتها خاصة الأسود والنمور لكن «اعجابي» للفهود وصدق من اسماها فهد!.
هنا استدار بنظرة استغراب وقال: لماذا «الفهود» تحديدا؟
قلت: يا صاحبي «الفهد» يتميز بسرعة فائقة تصل إلى 120 كيلومتراً بالساعة «نفس عظيم» لا ينازعه أحد من أبناء فصيلته هو البطل دائما في عيوننا فهو الأسرع على وجه الأرض!
له مميزات وخصال صعب أن أعددها لك، لكن خذ مثلا: كيف تتجنب «الفهود» المعارك في كثير من الأحيان، لكن أبدا لا يغفل عن فرصة يفاجئ به خصمه لهذا تجده يسكن الأراضي المكشوفة الواسعة ذات الطرائد الوفيرة ومع هذا يتكيف ايضا في المناطق شبه الصحراوية والمروج والسهول العشبية والسافانا وأراضي الأشجار المكشوفة وهو يتكيف مع بيئته!
هنا صرخ أبوأحمد، بومهند شوي شوي علي «يه» شالقصة سويتها «نظرية فهود»! وين الأسود؟ وين النمور؟
فقلت: يا سيدي، الفهود وجدناها مع الحضارات العالمية حتى ان بعض الشعوب القديمة جعلوا منها آلهة، ففي مصر كانوا يدعون الفرد منها «بالسنور الإله» وكان الفراعنة يعتقدون أنها «حامية الملك» لهذا وضعوها حماية في قبورهم من اللصوص والأرواح الشريرة على الأرجح!
ومضة: فهد ـ Fahd - اسم مشهور في جزيرة العرب ويعني الشخصية القوية لطيفة المعشر شديد الغضب ذو وثبات بعيدة في النظرة والقرار، ولعل في ذاكرتي العديد من «الفهود» الذين خلدوا أسماءهم في سجل التاريخ من أوسع أبوابه فنحن في الكويت نحب ونجل الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه ومثواه فهو باق في ذاكرة الكويتيين وهو عندنا من الأوفياء صاحب الموقف المبدئي البارز في تحرير بلدنا الكويت من الاحتلال العراقي واستعادة الأرض ونيل الحرية.
هذا «الفهد» قال مقولته الشهيرة التي نحفظها لأجيالنا الكويتية الآنية واللاحقة: «الكويت والسعودية بلد واحد.. نعيش سوية أو نموت سوية» ولا ننسى أبدا مقولته: «الكويت في قلبي وفي قلوب جميع الشعب السعودي».
هذا فهد!
وهناك في الكويت فهود كثيرة منها الشيخ فهد السالم والشيخ فهد المالك - رحمهما الله - وشاعر الكويت الكبير فهد بورسلي، رحمه الله.
وأيضا أستاذي فهد البحوه وآخرون كثر يصعب حصرهم والتمس المعذرة!
مسك الختام هو أبوالفهود «الفهد» الشهيد!
الكويتي العاشق لتراب هذا الوطن الذي افتداه بروحه فكان بطل معركة دسمان، والمقاتل في أكثر من جبهة في الأغوار في العراق نصير القضايا العربية والإسلامية محقق الإنجازات الرياضية المحلية والقارية والعالمية.
رحمك الله بوأحمد وأسكنك الله الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
آخر الكلام: التفت الي بوأحمد - صاحب الديوان العامر وقد بدا عليه التأثر التام فقال: ما رأيك أن نذهب للفهود على الطبيعة، فقلت: أنا جاهز، تروح ناميبيا؟
فقال: هذي وين؟ فقلت: في جنوب غرب القارة الأفريقية، وتسمى أرض الفهود! فقال: ما تخاف؟ قلت: تاريخي كله ما فيه خوف حبيب قلبي!
زبدة الحچي: ابتسم بوأحمد وقال نذهب بعيدا وجزيرتنا ووطننا بلد الفهود؟ انت قلتها خليجنا العربي فيه آلاف الفهود؟!
قلت مبتسما: معك حق، وكملنا مشاهدة فيلم الفهود، وقد رمقنا فهد بنظرة من خلال الشاشة كأنها نظرة وداع تليق بالفهود وتاريخهم!