[email protected]
حرص الشارع الحكيم على تأصيله لقواعد العلاقات الإنسانية ومعاملاتها وركز على ترسيخ مبدأ بيان الاعتراف بالمعروف والفضل والثناء على الصنيع حتى تدوم الألفة بين الناس.
إذا كانت الرحمة والألفة والمودة مطلوبة بين الأزواج، فإنها تمتد لمن هم في المحيط، وعلى الجميع أيضا غض كل طرف عن عيوب وسلبيات الآخر، وبذلك يسود الفضل والفضيلة ويندحر شر الشيطان وركبة الراس!
فمن كمال المحبة بين البشر شكر المعروف لكل من قدم لنا فضلا وعدم إيذائه لا بالقول ولا بالعمل ومداراته لأنه صاحب فضل علي لا يُنسى أيا كان هذا الفضل صغر أم كبر فكلاهما واحد، فلمَ المكابرة والكيد وقول الزور ونشر «انتقام شيطاني ووسوسة نفس ركبها الكبر والمكابرة»؟!
يا أخي غض النظر، وكف عن الإثارة والاستثارة واترك العيوب وركز على الإيجابيات أحسن وأفضل، يقول الشاعر:
ألم ترَ أن العين للقلب رائد
فما تألف العينان فالقلب آلف
هذا - والله - أمر خطير سرى بين الأسر والعوائل وأفسد العلاقات بسبب جهل طرف أو الطرفين ما يجر إلى ويلات القطيعة والتدابر والإثم!
وأخطر ما في هذه القضية إن وصلت خارج أسوار البيت على مستوى الأسرة أو خارج نطاق العمل أو.. أو.. أو.
اليوم الناس الطيبون راحوا وتبدلوا إلى (مناديب شيطانية) حتى من أسرتك وخاصة (الحريم)، انتبهوا هناك من ينكر فضلا ما فإن وقع بين أناس يخافون الله ذكّروه بأهمية الفضل والعرفان، وإن وقع بين (عصابة شيطان) زيّنوا له عمله وصفقوا له حتى يدمر كل شيء للأسف!
هذا على مستوى الحياة المنزلية أو الأسرية أو العائلية أو الوظيفية أو ما بين الأصدقاء والمعارف، والمشكلة الكبرى إذا تم الاستماع إلى طرف واحد وترك الآخر، وهذا يكيل وهذا يتهم وهناك من (يحمي الطار)! أي يزيد من ضربات الطار الذي يُمسك باليد وله صوت وإيقاع يستخدم في زيادة الهوس الموسيقي!
وتكتمل الصورة (إذا كان صاحبنا رجلا أو امرأة ممسوسا ويستنزل)!
قليل من الناس اليوم يجنح إلى الإصلاح بين الناس من أهل العقل والحكمة وشعار الجميع (ابعد عن الشر وغنيله)!
إن الكبر والغطرسة وركبة الراس ليست لها علاقة بالشهادة والحصول على أعلى الشهادات والمراكز، فربما (جاهل علم) أحسن بكثير من متعلم (طاووس)!
إن علينا جميعا في مثل هذه الأمور أن نراعي النفسيات، فلكل إنسان نفسيته فقد تريد أن ترضيه تسخطه والعكس صحيح، وهذه أمور حياتية يومية صارت بين الأسر والأزواج وكل ما يخصهم وقليل من يراعي النفسيات ويحرص على الحب والتقدير وترك الأثر.
قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون - آل عمران 104).
يا أخي يا أختي: شكراً كلمة خفيفة ثقيلة بالميزان، ليش المكابرة؟!
ومضة: من خلال خبرة التحكيم والسماع والمشاهدة يتضح لي أن (الفضل والمعروف والشكر والتقدير) قد يضيع عند الزوجين أو يمتد إلى أسرهم وهذه (طامة كبرى)، لأن استقرارهما العاطفي مرتبط بمد جسور المحبة والألفة وبيان الفضل والمعروف بينهما أولا ثم نقل هذا الشعور الجميل لمن هم حولهما من الأهل والأصدقاء وحتى الجيران!
في المجال الوظيفي يستطيع القائد المسؤول أن يحسم هذا كله ضمن اللوائح والنظم.
آخر الكلام: المطلوب في الحياة الإنسانية اليوم (التعايش) والبناء صعب جدا أمام الهدم أو تذكروا أن (الغيرة) قاتلة مدمرة!
أحسن ما يفعله الإنسان أن يأوي إلى فراشه وقد سامح كل من أخطأ بحقه وأنكر فضله وسفَّه فعله، والأجر الحقيقي راح تأخذه من رب العباد الذي لن يبخسك حقك، أما هؤلاء البشر فأنت افعل خيرا واحذف بالبحر!
قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
هذا هو المعروف يا أهل الفطن الناس بالناس ومن يَعنْ يُعَنْ
زبدة الحچي: علينا أن نقي أسرنا وأهالينا وأحبابنا من هذا (الوجع) فالهون أبرك ما يكون!
الحل بيدنا لا بيد غيرنا، وهذا يحتاج إلى نفس تخاف الله وتعلم أن الله العالم بكل شيء، فالله عز وجل يقول: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا). فهذه مسؤولية كل إنسان وملقاة على عاتقه فسوف يُسأل عن كل صغيرة وكبيرة!
علينا جميعا أن نضحي دائما من أجل هؤلاء الأحباب المحيطين بنا، خاصة الأولاد والأحفاد الذين يروننا ويصمتون!
قال تعالى: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
الحياة قصيرة وآخرتها متر ونصف في متر بالصليبخات أو أي مقبرة تضمك بعملك، فأحسن عملك قبل الختام، وليس هناك أضيع من جميل يصنع من غير شاكر!
قُلْها لكل من له فضل ومعروف: بيّض الله وجهك ما قصرت معاي!