[email protected]
ونحن نسير في طرقات الحياة تعلمنا من الأجداد والآباء والجدات والأمهات مقولة: الجار قبل الدار!.. كيف يكون الجار قبل الدار؟
وما هي حقوق جارك؟ وعلاقة الجوار؟ والتعامل مع الجيران؟ ولم كان الجار أقرب الناس إليك؟ وكيف تستثمر جيرانك؟ ولم اختفت الصلة في هذا الوقت؟ وكيف تكون جارا طيبا ومثاليا؟
ماذا يضم ملف الجيران في محور الشعر والشعراء والعقلاء؟
في ديننا وشريعتنا قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذو القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم - النساء 36).
وفي الحديث الشريف عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».
من أقبح ما سمعت أغنية في السبعينيات انتشرت تقول كلماتها: ليش ليش يا جارة ما تردين الزيارة!
إذن من هو الجار؟
الجار هو كل من جاورك في السكن او العمل ويكون قريبا منك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره».
والجار أنواع ايضا جار العمل والدكان والسوق والمزرعة والشاليه.. واجب عليك أن تسأل عن جارك في مرضه وتبارك له في فرحه وتعزيه في موتاه وتجيب دعوته إذا دعاك وتقف معه وقت حاجته وتستأذنه بالبناء وتستشيره وتنصحه وتتبادل معه «النُقصة» من الطعام وغيره من الكماليات.
ولا يجوز لك إيذاؤه أبدا لا بالقول ولا الغيبة ولا النميمة ولا السب ولا الشتم، ولا الإيذاء بكل صوره او اتلاف املاكه والنظر الى عوراته والاطلاع على بيته، والواجب دائما اكرامه والاقتداء برسولنا الكريم وصحابته الورعين.
إن على كل قطاعات المجتمع المدني ان تسعى جاهدة لتوعية كل جار بحقوق جيرانه وأرى أن الأوقاف مسؤولة عن هذا في خطب الجمعة ووزارة التربية والجامعة والقطاعات التربوية والتعليمية والمهنية والاتحادات المختلفة سواء بالنشر الإعلامي او المحاضرات والدروس والخطب والإصدارات الإعلامية والمعلم له دور رئيسي في التوعية المستمرة.
قال الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
كلنا يذكر ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن المرأة التي تقوم الليل ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال: هي في النار.
قالوا: الناس أجناس وعليك عزيزي القارئ أن تستوعب هذه المقولة وتعامل جارك على أساسها، فالطبائع تختلف من جار إلى آخر وكما يقولون البيوت أسرار!
عليك ألا تتعدى على جيرانك أبدا، وتكون دائما طرف خير وصلح واحذر الضجيج ولا تكن سببا له، خاصة في الليل أو ساعات النهار الأولى، او الموسيقى العالية، وتجنب ما يثير جارك ويزعجه، وكن دائما صاحب ذوق مهذب.
ومضة: أولى رسائلك للتقرب من جارك الكلمة الطيبة وحسن الجوار والصفح عند حدوث الأخطاء والإحسان إليه ومشاركته الأفراح والأتراح وابتعد عن أذية الجار، وأذكر قرائي الكرام بأن العرب في الجاهلية كانت تتفاخر بالجيران وتسود روح المودة والألفة بينهم، وقد كان العرب يتفاخرون بصيانة أعراض الجيران حتى في الجاهلية:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
آخر الكلام: اليوم ساد مرض في عصرنا الحاضر اسمه «غياب الجار» الأبواب مقابل الأبواب او على بعد بضعة أمتار لا يعرف الجار جاره ولا تزاور ولا سلام ولا كلام، في السابق كانوا «أهلا وليسوا جيرانا» وصار الشعار للأسف: صباح الخير يا جاري انت في حالك وأنا في حالي!
زبدة الحچي: الجار ولو جار.
يقول الشاعر:
ما ضر جاري إذ أجاوره
ألا يكون لبيته ستر
أعمى إذا ما جارتي خرجت
حتى يواري جارتي الخدر
فلنمد أيدينا لجيراننا «الحلوين» متصافحين متعاهدين على «الأخوة الدائمة» والوفاء ما عشنا!
وعليك إذا سكن جارك أن تقدم له يوما وجبة غداء وتزوره وتتعرف عليه وألا تكون ثقيلا عليه سيئ الطباع.
يقول الشاعر:
وحنَّا لك الله من قديم لنا كار
عن جارنا ما قط نخفي الطريفه
ويقصد بالطريفه إطعام الطعام مما يشترى للبيت والأهل!
وهذه فرصة أحيي جيراني: اليمين سالم الغيص (أبو جراح)، وجاري الشمال خالد القبندي (بوطلال)، وأقول لهم عذرا إن أسأت من غير ما أعلم، ولكم مني كل الاحترام والتقدير والمعزة والحشيمة على ما شفته منكم توقير ومحبة واحترام.. مشكورين حبايبي.