[email protected]
في هذه الحياة المادية الصعبة أنت بحاجة حتما إلى (وسيط روحي نقي) يحفظ سرك ويكتم همسك!
ما في إنسان في هذه الدنيا إلا ولديه الرغبة بأن يتكلم في بعض من خصوصياته وآلامه وأحلامه يحكي ويحچي ما بداخله!
يبقى (كاتم سرك) هو المعول عليه (حفظ السر)، لأن الحقيقة تقول: أي سر بين اثنين انتشر!
لا نحتاج هنا الى المكابرة، كل إنسان في قلبه وجع وألم وهمس وكلام زبد كثير يحب أن يخرجه من صدره حتى يرتاح!
قال الشاعر:
أغضب صديقك تستطلع سريرته
للسر نافذتان: السُكر والغضب
ما صرح الحوض بما في قرارته
من راسب الطين وهو مضطرب
قال عمر بن عبدالعزيز، الخليفة الخامس رضي الله عنه وأرضاه: الصدور خزائن الأسرار والشفاة أقفالها والألسن مفاتيحها فليحفظ كل امرئٍ مفتاح سره!
هكذا هي الدنيا لا بد من (النجوى والحچاوي) لأن البني آدم اجتماعي بالفطرة والطباع ويحتاج الى ونيس، وبعضهم بعد أن كفر بالناس يتكلم مع كلبه أو حصانه أو ناقته أو قطته أو كما يفعل بعض من أصحابي (يلاغون البغبغاوات)!
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود».
اليوم فجرا وقفت على آيات محكمات من كتاب الله وقد أعياني تفكيري في التفكر بهن، أعرضها عليكم فتدبروا يا أولي الألباب، يقول تعالى: (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) طه 7.
وقال تعالى: (أم يحسبون أنَّا لا نسمع سرهم ونجواهم..) الزخرف 80.
قول مأثور تعلمته من الحياة ولعلكم تعرفونه: صدرك أوسع لسرك من صدر غيرك!
وما كنت كاتمه عن عدوك فلا تطلع عليه صديقك!
ومضة: اسمعوا مني قول (داهية العرب) عمرو بن العاص يقول: (ما استودعت رجلا سرا فأفشاه فلُمته، لأني كنت أضيق صدرا منه حين استودعته إياه حين أفشاه!
وقد يقول قائل هذا للرجل، فماذا عن المرأة؟
الأكيد أن (السواد) منهن (رغايات)، لكن هذا لا يمنع من أن تكون هناك (مستودع أسرار) لو خليت خربت!
هناك (كاتم) سر وهناك كاتم (صوت) يعطيك طلقة قاتلة!
آخر الكلام: ما أروع ما كتبه أبو محجن الثقفي يقول:
لا تسألي الناس عن مالي وكثرته
وسائلي الناس عن بأسي وعن خُلُقي
قد أطعن الطعنة النجلاء عن عرضٍ
وأكتم السر فيه ضربة العنق
الله، الله تعمقوا في الأبيات الشعرية.. يكتم السر حتى لو ضُرب عنقه؟
زبدة الحچي: خير ما نختم به هو (علم) الإمام علي رضي الله عنه (شعرا) يقول:
لا تفش سرا ما استطعت الى مرئٍ
يفشي إليك سرائرا يستودع
فكما تراه بشرا غيرك صانعا
فكذا بسرّك لا محالة يصنع
كلمات ومعان جميلة تسبق العين في معانيها الجذلة، فأسهموا بأسراركم لمن تثقون به فالدنيا لا تزال بخير، واسألوا غاندي القائل: كنت أرفض دائما أن أعمل في السر عملا أخجل من القيام به في العلن!
هذه هي الحكمة الهندية!