[email protected]
بلهجتنا الكويتية: (تبرى - تبرا) أي تنكّر وتركني وما ذكر اللي سويته له!
هذه الكلمات التي سأعرضها على القارئ الكريم ليست والله لحبيبة عاشقة (ولهانة) أذابها الوجد والهيام.. لا.
وهذه الكلمات الموجعات ليست لامرأة «هيمانة متيمة» وإنما لأُم.. أم لحبيبة عاشقة تتوق لحبيبها؟!
معقولة هذه الكلمات التي تقطر محبة لأُم؟
ما قصة هذه الأُم؟ ومَنْ صاحب هذه الكلمات الجزلة؟ ومن غنت الكلمات؟
هي قصة حقيقية..
كويتية ذات جمال وحسب ونسب توفي زوجها و«ترملت» في عز شبابها وعنفوان أنوثتها وقد رزقها الله «بصبي» جميل نذرت نفسها لتربيته وتكبره لقادمات أيامها ورغم تقدم الكثير لخطبتها «نسب وحسب» رفضتهم مفضلة عليهم ابنها مكرسة حياتها له وفي كل يوم تطوي صفحة.
ومرت الشهور والسنون وكبر «الولد» ودخل الجامعة وصار «رجلا» ثم بدأ انحرافه إذ تقدم لخطبة زميلة له بالجامعة دون علم أمه وتزوجها ثم علمت «الأُم المصدومة» لكنها رضخت ورضيت بالواقع، لكن «الزوجة» كرهت الأُم كرها غير عادي فيه «حقد ونكران للجميل وتمثيل وأفلام» وكرّهت للأسف الابن في أمه وصار كما نقول بالكويتي «سكانه مرته» ثم جاءت لحظة المكاشفة والمواجهة فقالت الزوجة لزوجها: إما أنا أو أمك؟
ما الحل: أيتها الزوجة؟
خذها لدار العجزة!
وأخذها بيده «التي تستحق الكسر.. أيها العاق الوغد»!
وعندما أنزلها قالت له: (أنا وين الحين)؟
فقال: يا أمي إنها دار العجزة لإيوائك؟
«حسبنا بك ولدا وتنال هذا بإذن الله في نسلك وستجد أحد عيالك يأخذك لنفس المكان أيها العاق»!
فما كان من الأم إلا أن قالت - اقرأوا وتمعنوا في الكلمات الحارقة التي تخرج من «حشاشة اليوف» - تقول:
تبرى حبيبي مني تبرا
اعزي الحال وأشكي واعليّه
نسى انه تحت فيّي تدرا
وهنيْ الزاد وكّلته بيديّه
ألم كنار سدرتنا واصرا
واقدم له اذا اقبل هديه
وعلى نفسي أنا جد ما ابرا
واخلّي دنيته الدنيا الهنيه
عقب هذا صفيت اليوم برا
جميع الناس تتشمت عليه
انوح الليل وسط الجوف حرّا
الا والحال حال الراعبيّه
ارددها واقول الفين مره
توافيقي في هالدنيا رديّه
واظن عقبي ترى محدٍ يسره
ولا هالناس يحسبها سويه
إيه.. والله محد راح يسره أبدا بعد أن «فرط» في أمميمته حلوة اللبن!
قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أُمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك.. لقمان 14).
قال الشاعر:
هذا حنان الأم يا
رباه أطهر ما ظهر
هذا حنان الأم أسمى
ما حوت دنيا البشر
ومضة: هذه الكلمات التي قرأتموها هي لشاعر الكويت الكبير المبدع دائما الأستاذ عبداللطيف البناي وغنتها نوال الكويتية واستشهد بها عشرات من المذيعين والمذيعات وأصحاب الحراك الاجتماعي في (الميديا) وهي كلمات لها عشاقها في دول الخليج العربية والوطن العربي والعالم الإسلامي.
آخر الكلام: إنني أتوجه للأبناء هنا في داخل الكويت وخارجها: بروا أمهاتكم وآبائكم تبركم عيالكم وتذكروا ترى الجزاء من جنس العمل!
لا تكونوا مثله نسي حضنها وأمومتها المشتهاة في ساعة ولادته!
أيها العاقون الذين (يرفعون الچام) عن أمهاتهم وآبائهم لاهثون وراء مكاسب الحياة إن أعظم مكسب هو رضا امك وأبيك (أمك، أمك، أمك) هذه الحنينة الغالية لا يعادلها شيء أبدا، فكلنا والله مهما عملنا (للأم والأب) ما نقدر نرد جمايلهم ونروح كما يقول العراقي (اروح فدوه)!
زبدة الحچي: بلدي الكويت ولله الحمد فيها (دور للعجزة) ولكن نحمد الله أكثر أن عيالنا ولله الحمد والمنة فيهم خير وايد لأهلهم من (أم وأب) ونشكر وزارة الشؤون على هذه الخدمات التي توفرها لفئة المسنين.
لا تكونوا مثل هذا الابن العاق الذي قتل أُمه وهي حية برميها في دار العجزة!
ابني الشاب
ابنتي الشابة
أيها المواطن والمقيم
الوصية أن تنال رضا الوالدين.. ربي اغفر لوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا.. قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرها... الأحقاف 15).
وأذكر بأهمية تعليم أطفالنا وشبابنا حتى في مناهجنا الدراسية وفعالياتنا المجتمعية ماذا تعني كلمة العقوق.
إنها «شق الصلة التي بينه وبين والديه والعياذ بالله وقطعها بالعقوق لهما وعصيانهما وهي ضد البر».
آه: تعور الكلمات.. تبرى مني تبرا.. تخيلوا أُمه في تلك اللحظات الآثمة كيف كسر قلبها!
أيها العاق في كل مكان وزمان احذر أن تتبرأ من والديك!
أمك جنتك أو نارك!